"فغيبه عثمان حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما اطمأن أهل مكة، فاستأمنه له، فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلاً، ثم قال: "نعم"، فلما انصرف عثمان قال رسول الله/ صلى الله عليه وسلم لمن حوله: "ما صمت إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه"، فقال رجل من الأنصار: فهلا أومأت إلي يا رسول الله؟، فقال: "إن النبي لا ينبغي له أن يكون له خائن عين"، وأسلم عبد الله بن سعد بن أبي سرح أيام الفتح فحسن إسلامه".
هذا لفظ ابن عبد البر، وهو محتمل لما قلناه.
ولفظ الواقدي في "مغازيه": جاء ابن أبي سرح إلى عثمان ـ وكان أخاه من الرضاعة ـ فقال: يا أخي، إني والله اخترتك فاحتبسني هاهنا، واذهب إلى محمد فكلمه في، فإن محمدًا إن رآني ضرب الذي فيه عيناي، وإن جرمي أعظم الجرم، وقد جئت تائبًا، فقال عثمان: بل اذهب معي، قال عبد الله: والله إن رآني ليضربن عنقي ولا يناظرني، قد أهدر دمي، وأصحابه يطلبوني في كل موضع. فقال عثمان: انطلق معي، فلا يقتلك إن شاء الله، فلم يرع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعثمان آخذًا بيد ابن أبي سرح واقفين بين يديه، فأقبل عثمان على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمه كانت تحملني وتمشيه، وترضعني وتفطمه، وكانت تلطفني وتتركه، فهبه لي، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل عثمان كلما أعرض