عنه النبي صلى الله عليه وسلم بوجهه استقبله، فيعيد عليه هذا الكلام، وإنما أعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم إرادة أن يقوم رجل فيضرب عنقه، لأنه لم يؤمنه، فلما رأى ألا يقوم أحد؛ وعثمان قد أكب على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه وهو يقول: يا رسول الله، تبايعه فداك أبي وأمي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم". ثم التفت إلى أصحابه فقال:"ما منعكم أن يقوم رجل منكم إلى هذا الكلب فيقتله؟ " أو قال: "الفاسق". فقال عباد بن بشر، ألا أومأت إلى يا رسول الله؟ فوالذي بعثك بالحق إني لأتبع طرفك من كل ناحية رجاء أن تشير إلي فأضرب عنقه. ويقال: قال هذا أبو اليسر، ويقال: عمر بن الخطاب. فقال:"إني لا أقتل بالإشارة". وقائل يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم/ قال يومئذٍ: "إن النبي لا تكون له خائنة الأعين"، فبايعه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا لفظ مغازي الواقدين، وظاهره يقتضي أن المبايعة بعد تلك المقالة، وأن عثمان إنما قال أولاً: هبه لي، ولم يطلب المبايعة، فأعرض عنه، فلما قال عثمان في المرة الأخيرة: تبايعه؟، قال:"نعم"، لأنه طلب الإسلام.
ويشهد لهذا قوله:"ما منعكم أن يقوم رجل منكم إلى هذا الكلب .. " أو: "الفاسق .. "، ولو كان قد أسلم لم يطلق هذه العبارة عليه، لأن المسلم الذي كما أسلم ولم يتدنس بمعصية ليس بفاسق بإجماع المسلمين، فالظاهر أن هذه المقالة وقعت قبل إسلامه وبعد تأمينه.