فإن قدّمت الخبر في باب ما رفعت، فقلت: ما قائم زيد، رفعت الخبر لأن الباء لا تحسن فيه، وتقول: ما مسيء من أعتب، وما حسن أن تشتم الناس؛ لأنك قدّمت الخبر، فرفعت لأن الباء لا تحسن فيه. لا تقول: ما بمسيء من أعتب، وما بحسن أن تشتم الناس؛ قال الشاعر:
وما حسن أن يمدح المرء نفسه ... ولكن أخلاقاً تذمُّ وتمدح
وتقول: ما من أعتب مسيئاً، وما أن تشتم الناس حسناً لأن الباء تحسن فيه وقد قدمت الاسم.
وتقول: ما كل سوداء تمرة، وما كل بيضاء شحمة، تنصب بيضاء وسوداء، لأن فعلاء لا تنصرف في معرفة ولا في نكرة، وكل لا تقع إلا على نكرة. فإن قلت: ما كل سودءا تمرة ولا كل بيضاء شحمة، فالرفع أجود في الثاني، ويجوز النصب على أن تحمله على المعنى الأول، فتقول: ما عبد الله نِعْم الرجل ولا قريباً من ذلك، نصبت قريباً على العطف على موضع خبر ما؛ وما نِعْم الرجل عبد الله ولا قريب من ذلك، فترفع لأنك قدّمت الخبر في باب ما، فعطف قولك: ولا قريب، عليه.
وتقع ما خمس مواقع: تقع اسماً، وتقع بمعنى الجَحْد بمعنى ليس. فالاسم