للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: يا أمير المؤمنين، وهذا امرؤ القيس يقول:

كأن قلوب الطير رطباً ويابساً ... لدى وكرها، العنَّاب والحشف البالي

فشبه شيئين في بيت واحد فأحسن. فقال الرشيد: لله درك يا أصمعي، ما بعل القوم بشيء إلا وجدت عندك منه شيئاً.

وقوله: بعل القوم، أي: بقو مبهوتين لا يأتون بشيء.

ومن تمثيله العجيب قوله:

كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا، الجزع الذي لم يثقب

وقوله:

إذا ما الثريا في السماء تعرضت ... تعرض أثناء الوشاح المفصل

وقد أكثر الناس في الثريا، فلم يأتوا بما يقارب هذا المعنى، ولا بما يقارب سهولة هذه الألفاظ.

وقوله:

كأن الثريا علقت في مصامها ... بأمراس كتان إلى صم جندل

وتشبيهاته كثيرة يطول بها الكتاب. وكل تشبيه، وإن حسن، فهو دون تشبيه؛ لأن الشعراء عنه يأخذون، ومن بحره يستقون، وهو إمام الشعراء، وقد ذكره النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: "قائد الشعراء إلى النار".

<<  <  ج: ص:  >  >>