لو كان مدحة حي منشراً أحداً ... أحيا أباكُنَّ، يا ليلى، الأماديح
كأنه أراد لامدح، كأنه قال: لو كان مدح حي أو مديح حي منشراً أحداً. فقال: منشراً، ولم يقل: منشرة.
والعرب قد تؤنث فعل المؤنث بالتاء والنون، فإذا جاؤوا بإحديهما، استغنوا بها عن الأخرى.
قال الله، عز وجل:{تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ}. ولم يقل: يفضن.
وقال تعالى:{وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، ولم يقل: تضعن.
ويقولون: النساء يذهبن، والنساء تذهب، بالتاء. وبناتك يخرجن وتخرج.
والعرب لا تجمع بين علامتين في التأنيث، لا تقول: النساء ترمين، ولا تفعلن، بالتاء. إنما تقول: يرمين ويفعلن، بالياء.
قال الله، عز وجل:{وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَوْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ}.
ثم قال جرير:
يرمين من خلل الستور بأعين ... فيها السقام وبرء كل سقيم
فقال: يرمين لئلا تجتمع علامتان للتأنيث.
والعرب تجعل لفظ المذكر ولامؤنث سواء في كل ما كان على فعل يفعل وفي آخره واو؛ ألا ترى إلى قوله، عز وجل:{إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ}، وإلى قوله تعالى:{رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ}، وإنما النساء كن يدعونه.