الغلام {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا [رَبُّهُمَا] خَيْراً مِنْهُ} فأشرك معه غيره، ثم قال في الجدار {فَأَرَادَ رَبُّكَ} فأضاف الإرادة إلى الله تعالى - وحده عز اسمه. قيل له فيه قولان: أما أهلُ اللغة فقالوا: إن الله - تعالى- أتى باختلاف الألفاظ ١/ ٢٧٠ واتفاق المعاني ليكون ذلك أدل في البلاغة، وأبلغ في الحكاية، فخبر تعالى عن نفسه كما يُخبرُ البلغاءُ عن أنفسهم، لأن البلغاء تأتي باختلاف الألفاظ إذا كانت المعاني متفقة. وأما أهلُ العلمِ بالقرآن فإن معنى أردتُ أنه لما تقدم إليه أن أمامهم ملكاً {يَاخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} وهذا ما لا يقعُ باجتهاد رأي، قال: أردتُ، لأن تلك كلمة منسوبة إليه فيما فعل، وإن كان قد تقدم إليه فاعلم به. قال في قصة الغُلام {فَأَرَدْنَا} فضم إرادته إلى إرادة غيره، لأن الله جل ذكره - أطلعه على ما في بقاء الغلام من فساد الأبوين، وإن في قتله صلاحاً لهما. قال: فأراد الله تعالى ذلك، وأردت ذلك، لأن في هذه القصة معنى زائداً على المعنى الأول مرحباً لقوله:{فَأَرَدْنَا} فاستوى القول في حقيقة المعنيين. وقال في قصة الجدار {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا}. وبلوغُ الأشد بورودِ وقتٍ لم يأتِ بعد، وهو لله - عز وجل- وحده، ليس لأحدٍ في ذلك علم، فلذلك قال الله تعالى:{فَأَرَادَ رَبُّكَ} فجرى كل قولٍ على الخضر. على ما بدا من قوله. والله تعالى أعلمُ.
مسألة
إن سأل سائلٌ ما وجهُ قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجُل الذي استشاره بالتزويج