بعد كلمةٌ دالةٌ على الشيء الأخير. تقول: هذا بعد هذا منصوب، فإذا قلت: أما بعد فلا تصفه إلى شيء ولكنك تجعله غاية نقيضاً لقبل، قال الله - عز وجل-: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} فإذا لم يكونا غاية فهما نصبٌ لأنهما صفة. تقول: أقمتُ خلاف زيد، أي بعد زيد. ١/ ٤٢١ وذكر النحويون أن مجاز {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} لله الأمر من قبل كل شيء ومن بعد كل شيء، فلما حُذف المضاف إليه جُعِلَ الرفع دليلاً عليه. قال أبو النجم:
قد كنت قبل ذلك العلاء ... وبعد ذلك الثنا والحمد
أراد قد كنت قبل كل شيء يا ذا العلا، وبعد كل شيء، فلما حذف المضاف إليه جعل الرفع دليلاً عليه. وكذلك أول مضمومة إذا لم تضفها، فإذا أضفتها نصبتها. تقول: ابدأ به أولُ.
وقال الشاعر:
أوصيكم بالله والبر والتقى ... وأعرضكم والبر بالله أول
فإن قومكم سادوا فلا تحسدونهم ... وأنفسكم دون العشيرة فاجعلوا