للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعاهدة على ما حملك الله من دينه، واسْتَحْفَظَكَ من كتابه، فإن بتقوى الله؛ نجا أولياؤُهُ من سخطه، وبها يَحِقُّ لهم ولايته، وبها وافقوا أنبياءَهُ، وبها نُضِّرَت وُجُوهُهُم، ونظروا إلى خالقِهِم» (١).

قال أبو سعيد رحمه الله: فهذه الأحاديث كلها وأكثر منها قد رويت في الرؤية، على تصديقِهَا، والإيمانِ بها، أدركنا أهلَ الفِقهِ والبَصَرِ من مشايخنا، ولم يزل المسلمون قديمًا وحديثًا يَرْوُونهَا، ويؤمنون بها، لا يستنكرونها، ولا يُنْكِرُونها، ومن أنكرها من أهل الزَّيْغِ؛ نسبوه إلى الضلال، بل كان من أكبر رجائِهم، وأجزل ثواب الله في أنفسهم؛ النَّظَرُ إلى وجه خالقهم، حتى ما يَعْدِلُونَ به شيئًا من نعيم الجنةِ.

وقد كَلَّمتُ بعضَ أولئك المُعطِّلة وحدثته ببعض هذه الأحاديث، وكان ممن يَتَزَيَّنُ بالحديثِ في الظاهر، ويدَّعِي مَعْرِفَتُهَا، فأنكر بعضًا وردَّ ردًّا عنيفًا.

قلت: قد صَحَّت الآثارُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَمَنْ بعده من أهل العلم، وكِتَابُ الله الناطق به، فإذا اجتمع الكتابُ وقولُ الرسولِ وإجماعُ الأُمةِ؛ لم يَبْق لِمُتَأَوِّلٍ عندها تَأَوُّلٌ، إلا لمكابرٍ، أو جاحدٍ، أما الكتاب؛ فقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)} [القيامة: ٢٢ - ٢٣] وقوله: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} [المطففون: ١٥] ولم يقل للكفار محجوبون، إلا وأن المؤمنين لا يُحْجَبُون عنه، فإن كان المؤمنون عندكم محجوبين عن الله كالكفار؛ فَأَيُّ تَوْبِيخٍ للكفار في هذه الآية، إذا كانوا هم والمؤمنون جميعًا عن الله يومئذ محجوبون؟!

وأَمَّا قولُ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -؛ فقوله: لا تضامون في رؤيته، كما لا تضامون في


(١) ضعيف، أخرجه أبو نعيم في الحلية (٥/ ٢٧٨)، وفيه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأنصاري، قال الحافظ ضعيف، وقال البخاري منكر.

<<  <   >  >>