للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِليهِ عَمَلُ الليلِ قَبْلَ النَّهارِ، وعملُ النهار قبلَ الليل حِجَابُهُ النُّورُ، لو كَشَفَهَا (١)؛ لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كلَّ شيءٍ أَدْرَكَه بَصَرُهُ» (٢).

قال أبو سعيد رحمه الله: فإِلى مَنْ تُرْفَعُ الأعمالُ والله بِزعمِكُم الكاذِب مع العامل بنفسه، في بيته ومسجده ومنقلبه ومثواه؟! تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا.

والأحاديثُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعن أصحابه، والتابعين فمَنْ بعدَهُم في هذا؛ أكثر من أن يُحْصِيَها كِتَابُنَا هذا، غير أنَّا قد اختصرنا من ذلك ما يَسْتَدِلُّ به أُولوا الألبابِ، أَنَّ الأمةَ كُلَّهَا، والأُمَمَ السَّالِفة قبلها؛ لم يكونوا يشكوا (٣) في معرفة الله تعالى، أنه فوق السماء بَاِئنٌ من خلقه غيرَ هذه العصابةِ الزَّائغَةِ عنِ الحقِّ المخالفة للكتاب، وآثاراتِ العلمِ كُلِّهَا، حتى لقد عَرَفَ ذلك كثيرٌ من كفارِ الأُممِ وفَرَاعِنَتُهُم، قال فرعون: {يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى ...} [غافر: ٣٦ - ٣٧] واتَّخَذَ فِرعونُ إِبراهِيمَ النُّسُورَ والتَّابوتَ، يَرُومُونَ الاطلاع إلى الله تعالى في السماء، وذلك لِمَا أَنَّ الأنبياءَ - عليهم السلام - كانوا يَدعُونهُم إلى الله بذلك، وقالت بنو


(١) كذا في الأصل، وقد غيرها محقق المطبوعة إلى «كشفه» وما في الأصل موافق لما في ابن ماجه وأبي يعلى والطيالسي، فلا أدري ما وجه التغيير.
(٢) صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح وأخرجه مسلم (١٧٩)، وابن ماجه (١٩٥، ١٩٦)، وأحمد (١٩٥٨٧، ١٩٦٣٢)، وابن حبان (٢٦٦)، وأبو يعلى (٧٢٦٢)، والطيالسي (٤٩٣)، وغيرهم من طرق عن عمرو بن مرة، به. وفي بعض طرقه «حجابه النار».
(٣) قياس الكلام يشكون، وما في المتن صحيح يتوجه على حذف النون تخفيفًا، وهو كثير له نظائر في صحيح البخاري وغيره. ينظر شواهد التوضيح لابن مالك (ص ١٧٣) وفتح الباري وحاشية السندي على ابن ماجه.

<<  <   >  >>