للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لمتأول تأول، إلا لمُكَذِّبٍ به في نفسه، مستتر بالتأويل.

وَيْلَكُم! إِجمَاعٌ من الصحابة والتابعين، وجميع الأمة من تفسير القرآن والفرائض والحدود والأحكام، نزلت آيةُ كذا في كذا، ونزلت آيةُ كذا في كذا، ونزلت سورةُ كذا في مكان كذا، لا نسمع أحدًا يقول طَلَعَتْ من تحت الأرض، ولا جاءت من أمام ولا من خلف، ولكن كله نزلت من فوق.

وما يصنع بالتنزيل من هو بنفسه في كل مكان، إنما يكون شبه مناولة لا تنزيلا من فوق السماء مع جبريل، إذ يقول سبحانه وتعالى {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [النحل: ١٠٢]، والرب بزعمكم الكاذب في البيت معه، وجبريل يأتيه من خارج، هذا واضح ولكنكم تغالطون فمن لم يقصد بإيمانه وعبادته إلى الله الذي استوى على العرش فوق سماواته وبان من خلقه؛ فإنما يعبد غير الله ولا يدري أين الله.

(٤٨) حدثنا مَهْدِيُّ بنُ جَعْفَر الرَّمْلِي، حدثنا جَعْفَرُ بنُ عبدِ اللهِ، وكان من أهلِ الحديثِ ثِقَةٌ، عن رَجُلٍ قد سَمَّاهُ لي، قال: جاء رجلٌ إِلى مَالِكِ بنِ أَنَسٍ فقال: يا أبا عبد الله! الرَّحمنُ على العَرْشِ اسْتَوى، كيف استوى؟ قال: فما رأينا مَالِكًا وَجَدَ من شيء، كَوْجْدِهِ من مقالته، وعلاه الرَّحْضَاءُ وأَطْرَقَ، وجعلنا ننتظر ما يأمر به فيه، قال: ثم سُرِّيَ عن مالك، فقال: «الكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، والاستواءُ منه غَيْرُ مَجْهُولٍ، والإيمانُ بِهِ وَاجِبٌ، والسؤالُ عنه بدعة، وإني لأخاف أن تَكونَ ضَالًّا» ثم أَمَر به فَأُخْرِج (١).


(١) صحيح، وله طرق أخرى عن مالك، أخرجها البيهقي في الأسماء والصفات (٨٧٣، ٨٧٤)، وابن المقرئ في معجمه (١٠٠٣)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان ... =
= (٣٨٤)، وغيرهم وقد صحح هذا الأثر الذهبي في العلو (٣٧٧)، وفي تذكرة الحفاظ (١/ ١٥٥)، وجود إسناده البيهقي في الأسماء والصفات، والحافظ في الفتح (١٣/ ٤١٧).

<<  <   >  >>