قال أبو سعيد رحمه الله: وصَدَقَ مالكٌ؛ لا يُعْقَلُ منه كيف ولا يُجْهَلُ منه الاستواء، والقرآن ينطق ببعض ذلك في غير آية، فهذه الأشياء التي اقتصصنا في هذا الباب، قد خَلُصَ عِلْمُ كثيرٍ منها إلى النساء والصبيان، ونطق بكثير منها كتابُ اللهِ تعالى، وصَدَّقَتهُ الآثارُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه والتابعين، وليس هذا من العلم الذي يشكل على أحد من العامة والخاصة، إلا على هذه العصابة الملحدة في آيات الله.
لم يزل العُلماءُ يَرْوُون هَذِهِ الآثارَ، ويَتَنَاسَخُونَها، ويصدقون بها على ما جاءت، حتى ظهرت هذه العصابة؛ فكذبوا بها أجمع، وجَهَّلُوهُم وخالفوا أَمْرَهُم، خالف الله بهم!
ثم ما قد رُوِيَ في قبضِ الأرواحِ وصُعُودِ الملائكةِ بها إلى الله تعالى من السماء، وما ذكرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من قصته حين أُسْرِيَ به، فَعُرِجَ به إلى سماءٍ بعد سماء، حتى انْتُهِيَ به إلى السِّدرةِ المنتهى التي ينتهي إليها عِلمُ الخلائِق فوقَ سبعِ سماوات، ولو كان في كل مكان كما يزعم هؤلاء، ما كان للإسراء والبُرَاق والمِعْراجِ إذًا من معنى، وإلى من يُعْرَجُ به إلى السماء وهو بزعمكم الكاذب معه في بيته في الأرض ليس بينه وبينه ستر؟! تبارك اسمه وتعالى عما تصفون.
(٤٩) حدثنا عبد الله بن صالح المصري، قال: حدثني الليثُ يعني ابن سعد، قال: حدثني يُونُس، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان أبو ذَرٍّ - رضي الله عنه - يحدث، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
«فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وأنا بمكة، فَنَزلَ جِبْرِيلُ فَعَرَجَ بِي إلى السماء الدنيا، فلمَّا