للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا ليس فيه كبير أمر، ولا فيه أن الحمد سبب النعم وجالبها (١)، وإنما فيه اقترانه بها، وملاقاته لها اتفاقًا، ومعلوم أن النِّعَم يلاقيها من الأمور الاتفاقية ما لا يكون سببًا في حصولها، فليس بين هذا الحديث وبين النِّعَم ارتباط يربط أحدهما بالآخر، بل فيه مجرَّد الموافاة والملاقاة التي هي أعمُّ من الاتفاقية والسببيَّة.

وكذلك قولهم (يكافيء مزيده) أي يكون كفوًا لمزيده، ويقوم بشكر ما زاده اللهُ (٢) من النِّعَم والإحسان.

وهذا يحتمل معنىً صحيحًا، ومعنًى فاسدًا:

فإن أُريد به أن حمْدَ اللهِ والثناء عليه وذكرَه أجلُّ وأفضلُ من النِّعم التي أنعم بها على العبد من رزقِه وعافيته وصحته والتوسعة عليه في دنياه؛ فهذا حقٌّ يشهد له قوله - صلى الله عليه وسلم - "ما أنعم الله على عبدٍ بنعمةٍ فقال الحمد لله، إلا كان ما أُعطِي أفضل مما أخذ" رواه ابن ماجة (٣)، فإنَّ حمْدَهُ لوليِّ النعمة (٤) نعمةٌ أخرى هي أفضلُ وأنفعُ له، وأجدى (٥) عائدةً من النعمة العاجلة، فإن أفضلَ


(١) في ب: أن مسبب الحمد النعم وحالها.
(٢) في أ: ما زاد الله.
(٣) السنن برقم ٣٨٧٣، وأخرجه: ابن السني في (عمل اليوم والليلة) رقم ٣٥٦، والطبراني في (الأوسط) ٢/ ٢١١ رقم ١٣٧٩، وفي (الدعاء) رقم ١٧٢٧، والبيهقي في (شعب الإيمان) رقم ٤٠٩١، وغيرهم، وله شواهد.
وحسنه البوصيري في (مصباح الزجاجة) ٣/ ١٩٢، والسيوطي في (الدر المنثور) ١/ ٣٤، والألباني في (الضعيفة) رقم ٢٠١١، وصححه في (صحيح الجامع) رقم ٥٥٦٣.
(٤) في ب: الحمد.
(٥) في أ: وأجد.