ثبوتها أو صحتها، وإنما هو أثرٌ يرويه أبو نصر التمَّار عن آدم عليه السلام، وهذا الأثر لا تقوم به حجةٌ لانقطاعه.
ثم إنه لم يرد عن أحدٍ من خلق الله المكرمين التلفظ بمثل هده الصيغة؛ لا الملائكة، ولا النبيين، ولا خيار هذه الأمة وعلى رأسهم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخذ يطيل في سرد الآيات والأحاديث الواردة في صيغ الحمد، والتي ليس فيها هذه الصيغة المسئول عنها.
وأما من جهة الدراية فقد بيَّن -رحمه الله- أن هذه الصيغة قد تتضمن معنى فاسدًا.
ووجه ذلك؛ أن هذه الصيغة قد تفيد أن العبد بشكره للنِّعَم يكون قد أدى ما عليه من حقٍّ لله تعالى، وهذا فاسدٌ، لأنه يخالف المستفيض في النصوص الشرعية من أن نِعَم الله عز وجل لا يقوم بتمام شكرها أحدٌ، ولا يفي بحقها قول قائلٍ، فمهما أثنى العبد على ربه، وتقدم بين يديه بحمده وشكره، فحق الله أعظمُ، وإحسانه أعمُّ، ومِنَّتُه أكرم.
وهذا المعنى الذي ردَّه ابن القيم -رحمه الله- هو المنقول عن جماعةٍ من الأئمة المتقدمين، أنهم ردُّوه، وفنَّدوه، وأبطلوه، ومن ذلك ما قاله الإمام بكر بن عبد الله المزني رحمه الله:
"ما قال عبدٌ قطُّ (الحمد لله) إلا وجبت عليه نعمةٌ بقوله (الحمد لله)، فما جزاء تلك النعمة؟ جزاؤها أن يقول (الحمد لله)، فجاءت نعمةٌ أخرى، فلا تنفد نِعَمُ الله عز وجل"(١).
(١) أخرجه: ابن أبي الدنيا في (الشكر) رقم ٧ و ٩٨، والبيهقي في (شعب =