والرجوع إلى كتاب الأصبحي يحل مشكلة النسبة أيضًا. فقد اعتمد الناشران في إخراج الكتاب على نسختين: مغربيةٍ من تمكروت، وتركيةٍ من جوروم. وكلتاهما لا تحمل اسم الناسخ ولا تاريخ النسخ، غير أنّ التُّركية - حسب قولهما - أصح من المغربيّة. والأخيرة هي التي نسبت الكتاب إلى البهاء زهير. ولا شك أن هذه النسبة خطأ محض. وأكبر شاهد على بطلانها أن في الكتاب مختارات لشعراء مختارين وجدوا بعد البهاء زهير (ت ٥٨١ هـ) نحو ابن شمس الخلافة (ت ٦٢٢ هـ) وأمين الدين السليماني الإربلي (ت ٦٧٠ هـ) والسراج الوراق (ت ٦٩٥ هـ). أما نسبة الكتاب إلى الأصبحي فإنها ثابتة في النسخة التركية وذكره صاحب إيضاح المكنون (١)، ولم نجد ما ينفي نسبته إليه، فهي الراجحة.
ولعلّ النسخة المغربية هي التي سقطت في يد المؤلف المغربي لكتاب "عذر الخليع" فاعتمد عليها من غير أن يتحقق من أمر نسبتها، ولم يكن في نظري رجلًا محققًا، كما سيأتي بعض ما يؤكد ذلك.
(٣)
ومراجعة ما ورد في نزهة الأبصار من شعر ابن وكيع، والمقارنة بينه وبين ما نقله صاحب عذر الخليع تمدّنا بفوائد عديدة نذكرها في الفقرات الآتية:
أولًا: سبق أن (عذر الخليع) أضاف إلى مجموعة الدكتور حسين نصّار أكثر من ٣٠٠ بيت، حسب إحصاء الأستاذ هلال ناجي. فإن أكثر من خمس هذه الزيادة مصدرها نزهة الأبصار. فإذا نظرنا إلى عدد المقطوعات، فإنّ عذر الخليع يشتمل على ٩٧ مقطوعة أو قصيدة، و ٣١ مقطوعة منها منقولة من نزهة الأبصار. وهي كما يلي:
(١) إيضاح المكنون للبغدادي (طبعة المثنى) ٢: ٦٣٤ باسم "نزهة الأبصار في أوزان الأشعار" (؟ ). [انظر: الاستدراك في آخر المقال].