للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تاءٍ عن الأهل صفر الكف منفرد ... كالسيف عرِّي متناه عن الخلل

أن الإنسان من أعضائه عشرة، أول كل عضو منها كاف؛ وبعد ما عددها حكى أن "بعض أشياخ اللغة طلب منه عدّها، فعدّ تسعة أعضاء ونسي الكلمرة، فلما قام إلى بيت الخلاء ذكرها، وقد كان قبل ذلك قد ذكر الكرش، فقيل له: ليس للإنسان كرش إنما هي الأعفاج" (١). فلما وقف الصفدي على كتاب خلق الإنسان هذا أعجبه أنه زاد على ما ذكره زيادة كبيرة، فقال: "وقد رأيت أنا مجلدًا لم أعرف اسم مصنفه، قد جمع فيه أسماء أعضاء الرجال والنساء على حروف المعجم، وهذا اطلاع كبير، فرأيت فيه زيادة في حروف الكاف على ما ذكرته هنا: الكذوب: النفس، والكعبرة: عقدة مكبلة حائدة عن الرأس ... " وأورد سبع عشرة كلمة مع تلخيص معانيها من هذا الكتاب وعلى نسقه، إلا لفظًا واحدًا أخره لأنه "غير عربي على الصحيح" (٢).

ويبدو أن السؤال عن أسماء أعضاء الإنسان التي أولها حرف الكاف كان من المسائل الدوارة في مجالس الكبراء، فإن المسألة نفسها كانت سببًا لتأليف هذا الكتاب وترتيبه على حروف المعجم، كما ذكر أبو محمد في فاتحة الكتاب مخاطبًا صاحبه الذي ألفه لأجله: "لما تأدى إلي يا أخي ... فرط إعجابك وشدة شغفك بقول بعض المتأدبين في مجلسك: كم في جسد الإنسان من عضو أول حرف من اسمه كاف. وأنه قطع من حضره، وحصر من سمعه، حثّني ذلك على أن أضع كتابًا ... ".

ولعلّ ولوع المتأدبين بهذه المسألة هو الذي أغرى بعض الظرفاء بأن


(١) وردت الحكاية مفصلة في المجموع اللفيف للقاضي أمين الدولة (٥١٨ هـ)، ولعله نقلها من خط الوزير أبي القاسم المغربي (٤١٨ هـ). وفيها أن السائل عبد الملك بن مروان (٨٦ هـ) والمسؤول سويد بن غفلة (٨١ هـ). انظر المجموع: ٢٢٩ (تحقيق يحيى الجبوري، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٤٢٥ هـ).
(٢) الغيث المسجم في شرح لامية العجم، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٣٩٥ هـ، ١: ١٢٧.

<<  <   >  >>