للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المؤلف، وهو من أواخر القرن الرابع إلى أوائل القرن السادس. فإذا افترضنا أنه في أواخر القرن الرابع، فإنه لم يدرك علماءه الذين نقل عنهم، إذ لم يصرح بسماعه عن أحد منهم، وقد توفّي آخرهم في سنة ٣٩٩ هـ. ومن ثم نرجح أن مؤلف الكتاب من القرن الخامس الهجري.

وقد ارتأى الدكتور إحسان النص أنه "عاش في حقبة تمتد من أواخر القرن الرابع الهجري حتى منتصف القرن الخامس الهجري" واستدل على ذلك بأمرين: الأول أنه "لم يذكر أنه أخذ عن أي مصنف بعد ابن خالويه المتوفّى ٣٧٠ هـ"، وهو خطأ قد سبق تصحيحه. والثاني أنه "قد وجد في القرنين الخامس والسادس علماء صنفوا في موضوع خلق الإنسان، وأشهرهم ابن سيده علي بن إسماعيل المتوفي سنة ٤٥٨ هـ، وكتابه المخصص أوسع مصدر لبحث خلق الإنسان، فلو أن المؤلف عاش بعد زمنه لكان من المحتم أن يأخذ ... ولا سيما إذا كان المؤلف أندلسيًا حسبما استظهر المحقق، ولهذا أراه توفي قبل أن يؤلف ابن سيده كتابه المخصص" (ص ٢٣١)

أولًا: لا دليل على كون المؤلف أندلسيًا، وأما ما استظهر به محقق الكتاب على ذلك أعني الجمل الدعائية التي جاءت في فاتحة الكتاب، وظنّها "سمة أندلسية خاصة" فهو أسلوب قديم معروف في كتب أهل المشرق. انظر مثلًا: كتاب الحيوان وكتاب البخلاء للجاحظ (٢٥٥ هـ) وكتاب من اسمه عمرو من الشعراء لابن الجراح (٢٩٦ هـ) والزهرة لمحمد بن داوود الأصبهاني (٢٩٧ هـ) وحروف المعاني للزجاجي (٣٤٠ هـ) والموازنة للآمدي (٣٧٠ هـ) والخصائص، وسر صناعة الإعراب لابن جني (٣٩٢ هـ).

ثانيًا: ليس من المحتم أن يأخذ المؤلف عن ابن سيده، ولو كان أندلسيًا عاش بعده. فهذا ابن سيده نفسه عاش حتمًا بعد ابن السيّد المتوفى سنة ٣٨٢ هـ، وكلاهما أندلسي، وكان ابن السيّد إمامًا في اللغة والعربية، وقد

<<  <   >  >>