للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ذلك محقق الكتاب: "إن تصنيف الكتب على حروف المعجم على النحو الذي اتبعه المؤلف هنا لا نجد له أثرًا في القرون الأولى من الهجرة حتى القرنين الثالث والرابع، ولعل أول بادرة لهذا النمط من التأليف نجدها في كتب أبي محمد الأعرابي المعروف بالأسود العندجاني (كان يعيش سنة ٤٢٨ هـ) الذي اهتم بوجه خاص بترتيب مصنفاته على حروف المعجم، لعل كتابنا هذا - وهو شبيه في ترتيبه بكتب أبي محمد الأعرابي - قد ألف في عصره أو قريبًا منه" (المقدمة ص ١٦).

والدكتور إحسان النص أيضًا أشار إلى ذلك، وهو يتحدث عن منهج الكتاب، فقال: "وهذا النهج جديد في بابه، فمصنفات خلق الإنسان السابقة كانت تجعل لكل عضو بابًا مستقلًا، فجاء كتاب المؤلف مغايرًا لما سبقه، وكان معجمًا مرتبًا على الحروف في أسماء أعضاء الإنسان، وتلك ميزة لهذا الكتاب" (٢٣٢). وأشار الدكتور أيضًا إلى الغندجاني فقال: "وقد جرى المؤلف على نهج الغندجاني في ترتيب أبواب كتابه على الحروف، وهي الطريقة التي اتبعها الغندجاني في مصنفاته ... ".

وهنا عدة مآخذ على كلامهما:

أولًا: لا يصح أن ترتيب الكتب على حروف المعجم لم يعرف إلى القرن الرابع، فقد سبق كراع النمل المتوفي سنة ٣١٠ هـ المتقدمين والمتأخرين، إذ وضع معجمًا كاملًا - وهو المجرد - رتبه على حروف المعجم، وجعل الحرف الأول بابًا والثاني فصلًا مع الاعتداد بالزوائد (١). ولعل الأصل الذي اختصر منه


(١) قد صدر السفر الأول من كتاب المجرد بتحقيق محمد بن أحمد العمري سنة ١٤١٣ هـ وطبع بمطابع دار المعارف بمصر، وانظر مقدمة المحقق ص ١٩. وقد أخرج من قبل كتابًا آخر لكراع وهو المنتخب من غريب كلام العرب، نشرته جامعة أم القرى في جزئين سنة ١٤٠٩ هـ، فهما كتابان اثنان لا كتاب واحد "المنتخب المجرد" كما سماه الدكتور إحسان في مقاله (ص ٢٢٢).

<<  <   >  >>