وطلع علينا العدد الأول من الملحق بمقالات وتعقيبات وأخبار كلها ممتعة ومفيدة، ومنها كلمة لطيفة بقلم الدكتور عبد الكريم بن صنيتان العمري بعنوان "الكتاب"، جعلها تمهيدًا لكلمات تالية، يريد أن يقدم فيها تعريفًا لكتاب من كتب التراث الحديث النشر.
وقد بيّن الدكتور العمري في مقاله أهمية الكتاب وقيمته، ونقل بهذا الصدد عن جلال الدين السيوطي أنه "كان لأبي علي القالي نسخة من (الجمهرة) بخط مؤلفها، وكان قد أعطي بها ثلاثمائة مثقال، فأبى، فاشتدت به الحاجة، فباعها بأربعين مثقالًا، وكتب عليها هذه الأبيات:
أنست بها عشرين عامًا وبعتها ... وقد طال وجدي بعدها وحنيني
وما كان ظنّي أنني سأبيعها ... ولو خلّدتني في السجون ديوني
ولكن لعجزٍ وافتقارٍ وصبيةٍ ... صغارٍ، عليهم تستهلّ شؤوني
فقلت ولم أملك سوابق عبرتي ... مقالة مكويّ الفؤاد حزين
وقد تخرج الحاجات يا أم مالك ... كرائم من ربٍّ بهن ضنين
قال: فأرسلها الذي اشتراها وأرسل معها أربعين دينارًا أخرى".
أورد السيوطي رحمه الله هذه الحكاية في كتابه المزهر (١: ٩٥) وبدايتها فيه: "وقال بعضهم: كان لأبي علي القالي .... " وعقب عليها بقوله: "وجدت هذه الحكاية مكتوبة بخط القاضي مجد الدين الفيروزابادي صاحب القاموس، على ظهر نسخة من العباب للصغاني، ونقلها من خطه تلميذه أو حامد محمد ابن الضياء الحنفي، ونقلتها من خطه".
وبيّنٌ من سياقه السيوطي لهذه الحكاية أن سندها ينتهي إلى شخص مجهول، فإن الفيروزابادي نسبها إلى "بعضهم"، ولم يفصح عن اسمه، والسيوطي برّأ ذمّته بإثبات أنه نقلها من خط أبي حامد الذي نقل من خط المجد.