وقد وقع الغلط في هذه الحكاية من عدة وجوه، أهمها أن الذي باع نسخته من الجمهرة، وكتب هذه الأبيات التي ضمّتها بيتًا سائرًا قديمًا، وهو البيت الخامس، هو أبو الحسن علي بن أحمد الفالي - بالفاء - المتوفى سنة ٤٤٨ هـ لا أبو علي القالي - بالقاف - المتوفى سنة ٣٥٦ هـ. أجمعت على ذلك كتب التاريخ والتراجم، ولم يشذّ عنها إلى حكاية الفيروزابادي هذه المجهولة الإسناد.
ولعلّ أول من نبّه على هذا الغلط العلامة عبد العزيز الميمني رحمه الله، فقال في شرحه لذيل أمالي القالي وصلة ذيله، وهو الجزء الثالث من سمط اللآلي (٣: ٨٩): "وغلط المتأخّرون، فظنّوا الفالي (بالفاء المنقوطة بنقطة واحدة) صاحبنا أبا علي ... " وقد فرغ الميمني من شرحه هذا في شوال ١٣٤٩ = ٤ مارس ١٩٣١ م، وطبعته لجنة التأليف والترجمة والنشر في القاهرة عام ١٣٥٤ هـ = ١٩٣٦ م. والظاهر أن الميمني أشار بكلمة المتأخرين إلى الفيروزابادي وأبي حامد والسيوطي.
ولكن كتاب المزهر أكثر تداولًا من سمط اللآلي، ثم لا فرق بين القالي والفالي إلا نقطة واحدة، والقالي (بالقاف) أشهر من الفالي (بالفاء). أما إذا اقترن ذكر أولهما بجمهرة ابن دريد، وهو تلميذ ابن دريد، فلن يشك من لم يعرف القصة أن المذكور هو القالي (بالقاف). بل إذا رأى أن الكلمة منقوطة بنقطة واحدة، لم يتردد في تصحيحها بزيادة نقطة أخرى تيقنًا منه بأن الأولى مصحفة، خاصة إذا لم يذكر معها الاسم أو الكنية. فدواعي التصحيف والخلط متوافرة في هذه القصة. فليس عجبًا أن تنسب القصة إلى القالي، . ولا يبقى بعد ذلك إلا أن يضيف الناقلون إليها حواشي وأصباغًا، لتزويقها واستكمال جوانبها ومضاعفة أثرها.
وقد جاز هذا التصحيف على الأستاذ أحمد أمين فقال في كتابه ظهر