لتلامذته في استقامة منهج البحث والدقة والتثبت، فإن حاد مثله عن الجادّة، فإن من يعتزّ بإشرافه عليه وتوجيهه له أحرى بأن يحيد عنها، وأخيرًا حقّ هذا التراث علينا أن تتظافر جهودنا جميعًا على تنقيته من الشوائب، وتقديمه إلى الدارسين بصورة أقرب ما تكون من الصحة والكمال. وذلك في سبيل خدمة هذا اللسان العربي الذي اختاره الله سبحانه لكتابه العزيز.
وأخذت أعلّق ما يبدو لي على هوامش نسختي، ولكن لم يكن عندي شيء من النسختين اللتين اعتمد عليهما المحقق في تحقيق الكتاب، فخشيت، إذا بنيت كلامي كله على تذوّق وقياس ومراجعة المصادر الأخرى فحسب، أن أخطو على دحض وأمضي على غرر؛ فسعيت للحصول عليهما. وهما نسختان: إحداهما قديمة وهي الأصل، والأخرى حديثة منقولة عن الأولى. فحصلت على صورة من النسخة الحديثة في صيف العام الماضي، وقد زوّدني بها مشكورًا الأستاذ الدكتور حمزة بن حسين الفعر مدير معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، فعارضت المطبوع عليها، ودوّنت ملاحظاتي. وتابعت جهدي للحصول على صورة من الأصل، فبقي ما كتبته مسودة حولًا كريتًا، إلى أن ظفرت بالنسخة المذكورة في صيف هذا العام ١٤٠٨ هـ. وجزى الله خير الجزاء الدكتور عبد الله الرحيم عسيلان الأستاذ في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، الذي تكرّم، فأعارني نسخته المصورة، ثم سمح لي بتصوير نسخة منها، فطوّقني منة كبيرة لا تفي بها هذه الكلمات.
ملاحظات عامّة
أريد أن أسجّل أولًا ملاحظات عامة معدودة، تتعلق بمقدمة المحقق الفاضل، ومنهجه في تحقيق النص والتعليق عليه، وتكون بمنزلة التراجم للملاحظات الخاصة التي تليها.