الحرف الأول وإن كان زائدًا. ثم كان شرطه الاختصار فحذف الأسانيد وقلل الشواهد، وأوجز التفسير، "فانتشر كتابه بهذا التسهيل والتيسير في البلاد والأمصار، وصار هو العمدة في غريب الحديث والآثار" كما قال ابن الأثير (١).
واستدرك على كتاب الغريبين للهروي الحافظ أبو موسى محمد بن عمر المديني الأصفهاني (٥٨١ هـ) فجمع ما فاته في كتاب مرتّب على ترتيب الأول ومقارب له في حجمه وفائدته.
وعلى هذين الكتابين بني مجد الدين ابن الأثير (٦٠٦ هـ) كتابه "النهاية في غريب الحديث والأثر" فاستخلص منهما مادة غريب الحديث، مشيرًا إلى كل منهما برمز خاص، ثم زاد عليهما زيادات كثيرة من الكتب الأخرى، فجمع كتابه بين مزيتين: مزية الإحاطة بغريب الحديث ومزية حسن الترتيب وقرب المأخذ، فصار صيته في الآفاق، واستغنى طلاب العلم عن غيره من المصنّفات.
٦ - منهج الزمخشري
اتبع أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري (٥٨٣ هـ) منهج الهروي غير أنه رأى أن الحديث الواحد عنده يتفرّق في حروف مختلفة حسب الكلمات الغريبة التي وردت فيه، فحرص في كتابه الفائق على أن يورد الحديث، ويفسّر ألفاظه الغريبة كلها في مكان واحد، فأدّى ذلك إلى أن جاءت كثير من الألفاظ في غير حروفها. فتدارك ذلك بالإشارة في آخر كل فصل إلى الكلمات الباقية منه والإحاطة على مواضعها. ولعلّ النسخة التي اطّلع عليها ابن الأثير من كتاب الفائق خلت من تلك الإحاطات فقال:"ولكن في العثور على طلب الحديث منه كلفة ومشقة"، وقال أيضًا: "فترد الكلمة في غير حروفها، وإذا تطلبها الإنسان