وهو من بني شقرة بن كعب بن ثعلبة بن ضبة، وهو الغطمش الضبي". فلا محلّ لذكر البرصان واللسان بهذا الصدد، كما لا محلّ لترجمة الغطمش الضبّي هنا. فإنّ الذي نسب إليه منهما هذا الشعر في مصادر المحقّق هو أبو الغطمش الحنفي وحده، دون الغطمش الضبي. ولم أجد مصدرًا آخر كذلك، أشار إلى أن أبا الغطمش الحنفي ينازعه هذا الشعر الغطمش الضبي. فإقحام (الغطمش الضبي) في نسبة هذا الشعر خلط محض تولّدت منه "أخلاط" فاسدة أخرى.
ثانيًا: قوله: "وجاءت (الحنفي) يأخذه بآراء أبي حنيفة .. " أبعد من الأول، وباطل من كل وجه. فهل يستسيغ من له أدنى إلمام بالأنساب وتاريخ المذاهب الفقهية أن ينسب شاعر أعرابي إلى مذهب الإمام أبي حنيفة، وهو معاصر له، فيدعى حنفيّاً؟ لأننا إذا افترضنا -إكرامًا للمحقّق الفاضل- أنّ الغطمش الضبّي كان معاصرًا للمفضل الضبي المتوفّى سنة ١٦٨ هـ "الذي روى له"-وذلك لأنّه لا يستطيع أن يروي لمن ولد بعد وفاته- وتوفّي الإمام أبو حنيفة سنة ١٥٠ هـ، فلابدّ أن يكون الغطمش نفسه معاصرًا لأبي حنيفة. ثمّ لم يدع الابن حنفيًا، بل بقي ضبيّاً ينتمي إلى قبيلته ودعي أبوه وحده حنفيًا لاتباعه المذهب الحنفي!
رابعًا: وقوله: "يؤيّد هذا إقامة الشاعر في الري كما تذكر المصادر" لا يغني فتيلًا. لأنّ الذي ورد فيه أنّه "كان مقيمًا بالريّ ومفترضه بها" هو الغطمش الضبي، لا أبو الغطمش الحنفي. على أن ذكر إقامته بالري لم يرد في المصادر التي أحال عليها المحقّق. وظنّي أنّه نظر في أعلام الزركلي (٥: ١٢٠) الذي نقل هذا الكلام من حماسة ابن الشجري: ٢٠٥، ولكن الأستاذ لا راجع