أوّلًا يذهب بك الفرح كل مذهب؟ ثم ألا ترى من حقه هو أن يبتهج بالدرة التي ظفر بها ابتهاج الغواص الذي ذكره النابغة في قوله:
أو دّرةٌ صدقيةٌ غواصها ... بهجٌ متى يرها يهلَّ ويسجد
وقد كنت، حينما أهدى اليّ شيخنا الحاج الحبيب اللمسي صاحب دار الغرب الإسلامي نسخة من كتاب "المجموع اللفيف" للقاضي أمين الدولة الحسيني الأفطسي بتحقيق الأستاذ الدكتور يحيى الجبوري (ط ١ سنة ١٤٢٥)، وألقيت نظرة خاطفة على الصفحة الأولى من مقدمة التحقيق، وأنا جالس عند الضيف = شعرت بسعادة غامرة، وغبطت الأستاذ على الكن الذي عدي إليه. وتمنيت لو أخرج المحقق الفاضل من هذه النسخة الخزائنية الجميلة نشرة مصورة دون أن يتجشم تحقيقها! فإن الغرض من تحقيق الكتاب إخراجه قريبًا مما وضعه المؤلف، فإذا كانت النسخة بخط المؤلف، وهو خط واضح جميل أشبه بالخطوط المنسوبة، ثم كانت مزدانة بتعليقات لأديب كبير بخطه، فتلك غاية ما بعدها غاية. ولا يبقى بعد ذلك إلا أن يذيل الكتاب بفهارس كاشفة وتعليقات ضرورية إن اقتضى الأمر. أما أن ينسخ الكتاب من جديد ويطبع، فذلك مفسده لا محالة، بما يجلب إليه من سقط وغلط ونحوه، وعدت بالهدية القيمة إلى منزلي، وقرأت ترجمة المؤلف وعرض محتويات الكتاب ووصف المخطوط، ثم تأملت النماذج المصورة من أوراقه، فإذا هي تتبرأ من أن تكون بخط المؤتلف!
قم تصفحت متن الكتاب، فإذا فيه من التصحيفات والتحريفات ما لا يتصور أن يرتكبه المؤلف إذا كان له شدو من العلم. وتعجبت كيف استمر المحقق على وهمه الذي إن كان وقع فيه بادئ ذي بدء عن وهل أو عجل، فإن قراءة النص كانت خليقة بأن تكشف له عن الحقيقة وترده إلى الصواب.
وأما أن تكون هذه النسخة قد طالعها أبو القاسم المغربي وعلق عليها