العلم الوافر والفضل الظاهر تراه خفيف الظلّ سهل الخليقة، جمّ التواضع، يكاد حسن أدبه يغرّ كثيرًا من الناس عن علمه، بعدما صار العلم في زماننا تشدّقًا وتفيهقًا وفخفخة وجعجعة بلا طحن. ألا، وهو الأستاذ الدكتور ف. عبد الرحيم مدرّس علم الأصوات في كلية اللغة العربية، والمشرف على شعبة تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة. قد اشتهر بخبرته الواسعة في مجال تعليم اللغة العربية، وكتابه المسمّى "دروس اللغة العربية لغير الناطقين بها" في ثلاثة أجزاء متداول في عدد من البلدان. عرفه المتخصّصون بمقالاته وتعقيباته المنشورة في صفحات مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، ومجلّة المجمع العلمي الأردني، وكتابه اللطيف "الدخيل في اللغة العربية واللهجات العربية الحديثة". أمّا قرّاء ملحق التراث فطالما أمتعهم بمقالاته القصيرة في أصول الكلمات المعربة أو تأصيل بقايا الفصاح في اللهجات العربية، فاطلعوا على طرف من علمه الغزير. والحقّ أن شخصيّته العلمية بكافة جوانبها تجلّت لأول مرّة في نشرته هذه لكتاب المعرب.
تبدأ هذه النشرة ببحث قيم جعله الأستاذ مدخلاً لدراسة الكلمات الواردة في كتاب المعرب، وقسمه إلى ثلاثة أبواب. الباب الأول فيه فصلان: الفصل الأول في معنى المعرب والدخيل والمولد، والفرق بين هذه المصطلحات الثلاثة. والفصل الثاني في ضوابط معرفة الدخيل، وذكر فيه خمسة ضوابط.
والباب الثاني في اللغات التي أخذت منها المعرب. وفيه خمسة فصول: الفصل الأول في اللغة الفارسية، ونبّه فيه الأستاذ الفاضل على أمر مهمّ غفل عنه علماء اللغة - وكان منهم من يجيد الفارسية - فأخطأوا في بيان أصول المعربات الفارسية. وهو أنّ اللغة الفارسية التي كانت تعاصر العصر الجاهلي وصدر الإسلام هي اللغة الفهلوية، ولا الفارسية الحديثة، وكانتا تختلفان اختلافًا غير يسير. ثم أشار إلى نقط الخلاف بينهما، ومنها أن بعض الصيغ بالفهلوية كانت