للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والطب، والطبيعيات، والكيمياء، والحيوان والنبات، وطبقات الأرض، وعلم الأديان مع مشاركة في العلوم الشرعية والأدبية.

وأبي أن يكتفي بالوسائط مخافة أن يخلط ويخبط، ويضلّ ويضلّ، فوطّن نفسه على الاستقاء من مناهل ثقافته مباشرة، فتعلم عددًا من اللغات الأجنبية وأهمّها السنسكريتية وأجادها. فتنوّر عقله، وتوسّعت ثقافته، وسلمت معرفته، فصحّح كثيرًا من الأخطاء الشائعة، وفند كثيرًا من الأخبار المنقولة.

أمّا اللغة العربية فكان البيروني - مع نشأته الأعجمية - مغرمًا بها. وقد بلغ حبّه لها إلى أن قال في كتاب الصيدنة: "الهجو بالعربية أحب إلي من المدح بالفارسية" (١).

فأقبل على علوم العربية من اللغة والأدب والبلاغة والشعر والعروض، فصار من أعلامها. وعدّه ياقوت من الأدباء واللغويين والشعراء المجيدين وإن لم يكن شعره - كما قال ياقوت - في الطبقة العليا فإنّه من مثله حسن (٢). ونقل خمسة وثلاثين بيتًا من قصائده المختلفة، تدور حول الأغراض الشعرية الشائعة في عصره من المدح والفخر والهجاء والوعظ والإخوانيات.

وذكرت المصادر عدّة آثار أدبية للبيروني منها: شرح شعر أبي تمام، وقد رآه ياقوت بخط البيروني، والتعلّل بإجالة الوهم في معاني نظم أولي الفضل، ومختار الأشعار والآثار، وكتاب الدستور في أحاسن المحاسن، ولكن هذه الكتب الأدبية التي كانت تستطيع أن تمثّل الجانب الأدبي لشخصية البيروني أصدق تمثيل ضاعت فيما ضاع من عظيم كنوز الثقافة الإسلامية وتراثها العلمي والأدبي.


(١) كتاب الصيدنة (تحقيق محمد سعيد ورانا إحسان الهي، كراتشي ١٩٧٣): ١٣.
(٢) معجم الأدباء ١٧: ١٨٦ - ١٩٠.

<<  <   >  >>