للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كأنَّ عيون الوحش حول بيوتنا ... وأرحلنا الجزع الذي لم يثقَّب

فيذكر في شرحه قولين فيقول (ص ١٧٨): "قد شبه عيون الوحش - في ظهور بياضها المحدق بسوادها الذي لا يبدو من عينها إلاّ بتقليب مقلها وانقلابها بالنزع أو الموت - بالجزع، لا يغادر منها شيئًا سوى الثقب، فإن المقل ليست بمثقوبة. وقيل: إن الذي يعمل الخرز منه فهو أردؤه وأميله إلى السواد، وإذا عمل منه يثقب لا محالة لينظم في سلك. والذي يعمل منه الفصوص هو أجود لصفاء جوهره وعدم ثقب فيه، فكأنّه يشير من النوعين إلى أشرفها".

ويكشف البيروني عن وجه آخر من معنى قوله "لم يثقب" فيقول: ويجوز أن يكون معناه أن عيون الوحش المشابهة للجزع ليست تنتظم في القلائد وإنما تقع باتفاق متفرّقة كالخرز التي لم ينظمها سلك لعدم الثقب".

ولا يذهب على صاحبنا أن علماء البلاغة يتمثّلون بهذا البيت فيما سمّوه بالإيغال فينقل ما قاله العسكري في هذا البيت.

٤ - وينشد البيروني قول النابغة الذبياني:

رقاق النعال طيِّبٌ حجزاتهم ... يحيِّون بالريحان يوم السباسب

ويذكر ما قال الشارحون في السباسب فيقول (ص ٢١): "قالوا في السباسب إنه يوم الشعانين، لأن البيت مقول في الغساسنة، وكانوا على النصرانية، وكأنهم عنوا بالريحان ما كان في أيدي الداخلين مع المسيح عليه السلام من قضبان الزيتون والأترجّ".

ويرى البيروني هذا التخريج "غير بعيد" ولكن المقصود في البيت عنده: "عزَّة الرياحين أيّام قطع المهامه، وأنهم يحيّون فيها بها، ولا يعوزهم ما يعوز غيرهم، مثل ما يحمل من الرياحين والبقول في البادية مع من حجّ من الملوك وكبار المترفين. وكل ما عزَّ وجوده يتيمن به". ويحتجّ على رأيه بقول بكر بن النطاح الحنفي:

<<  <   >  >>