ومن ثم تنوعّت المجالات التي تتعلّق بها هذه الكلمات الدخيلة، فمنها مصطلحات علمية، ومصطلحات سياسية وعسكرية، وألفاظ دينية، وكلمات حضارية تتّصل بالملابس والحلي، والأطعمة والأشربة، والصناعات والمهن، وآلات اللهو والطرب.
واللغات التي تنتمي إليها هذه الألفاظ كثيرة، منها الفارسية والتركية والعبرانية والسريانية واليونانية واللاتينية والهندية والقبطية والفرنسية والإيطالية. ولكن اللغتين اللتين استأثرتا بمعظمها هما الفارسية واليونانية.
وقد تفاوتت معالجة الألفاظ في طولها وقصرها حسب مقتضى الحال، فإذا كانت معالجة بعضها لم تتجاوز ثلاثة أسطر، فإنّ بعضها الآخر استغرق صفحتين أو أكثر نحو "فيلسوف" و"مالق" (آلة الطيّان"، و"برمك" (لقب جد البرامكة"، و"فهر" (من أعياد اليهود"، و"فرفخ" (البقلة الحمقاء)، و"جنك" (من آلات الطرب).
أما طريقة المؤلف في دراسة الألفاظ فهي كالتي اتبعها في الكتب الثلاثة السابقة، خصوصًا في "القول الأصيل". فهو يورد أولًا نصًّا من بعض المصادر يتضمّن الكلمة الدخيلة، ثم يذكر أقوال اللغويين في أصلها ومعناها - إن كانت اللغة تعرّضت لها - ليعلّق عليها بالتصويب أو التخطئة، ثم يذكر اللغة التي انحدرت منها الكلمة، ويكتب أصلها بحروف تلك اللغة، مشيرًا إلى ما طرأ عليها من إبدال أو إدغام أو قلب أو زيادة أو نقص.
وكثيرًا ما يشير المؤلف إلى اللغات الأخرى (غير العربية) التي دخلت فيها الكلمة الأصلية أو الصيغة العربية، فيزيد البحث ثراءً، والقارئ إمتاعًا، بتتبّع رحلة الألفاظ من لغة إلى لغة أخرى، وما يعتريها في كلّ منزلة تحلّ فيها من تغيّر قليل أو كثير.
وللتمثيل على منهج هذا الكتاب ننقل هنا نصّ ما قاله المؤلّف في كلمة "بلخش":