للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأخرى (١). ثم خلط بين قولين، وجعل تأويل القول الثاني وهو "لم يقو التشتت .. " علة للقول الأول وهو "قبل أن يقوى الإسلام" مع أنهما في كلام أبي عبيد قولان مختلفان، والقول الأول موافق لمعنى الكلمة في اللغة واضح لا يحتاج إلى تأويل، أما القول الثاني فتلطف أبو عبيد لتأويله إلى معنى القول الأول، ولذلك قال: "وهذا قد يرجع إلى المعنى الأول"، فاستعمل "قد" ومن هنا قال بيان الحق: "فكأنه"، ولكن غفل بعد ذلك عن عدم ملاءمة تعليله هذا لما قال في أول الكلام "قبل أن يقوى الإسلام".

والجدير بالذكر أن الأزهري حينما نقل الحديث المذكور وكلام أبي عبيد في تفسيره لم يتلفت إلى القول الثاني. وكذلك صاحب الغريبين. وإنما أشار إليه الزمخشري بقوله: "ويجوز أن ... " (٢).

مع هذه المآخذ التي ذكرناها آنفًا، لا يخفى ما لهذا الكتاب من قيمة علمية وتاريخية، من وجوه عديدة قد أبانت عنها المباحث السابقة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


(١) الغريبين ٦: ١٧٩٧. الفائق ٣: ٣٩٩. تهذيب اللغة ١٥: ٥٤٣.
(٢) المراجع السابقة.

<<  <   >  >>