يضمّنهما مفردات كراع بحذافيرها. فهل يرجع ذلك إلى شك في صحة بعض ما ينقله كراع نفسه، أو عدم الحصول على أصول صحيحة من كتبه؟ ولكن ذلك يصدق أيضًا على الألفاظ الأخرى التي نقلوها عن كراع مسندة إليه وحده.
الخلة الثانية أن هذا السفر الأول (إلا باب الثاء) نشر عن نسخة فريدة يشيع فيها التصحيف والتحريف، والاعتماد على مثلها في التحقيق مزلة بذاتها، فكيف إذا كان الكتاب لكراع الذي ينفرد بأشياء لا أثر لها في مظانها من كتب اللغة.
ثم قد جلب كراع نفسه بعض أسباب الفساد إلى كتابه هذا، والأصل الذي اختصره منه، وهو معجمه الكبير "المنضد"، إذ رتّب الألفاظ فيهما حسب صورتها الظاهرة دون التمييز بين الأصول والزوائد جاعلًا الحرف الأول بابًا والحرف الثاني فصلًا، فوضع كل كلمة تبدأ بالهمزة - أصلية كانت أو زائدة - في باب الألف، فأصبح أكبر أبواب الكتاب، إذ دخل فيه - بالإضافة إلى الأسماء - جميع الأفعال والمصادر من أبواب الثلاثي المزيد والرباعي المزيد المبدوءة بالهمزة، فتجد السلع، والأسقف، واستلم، واسبكر، واستفحل كلها في باب الألف، فصل أس. وهكذا أنى، وأنفل، وانهاض، وانهلّ، وأنجم في فصل أن.
فهذا الترتيب قد يهدي القارئ - إذا أشكلت عليه المادة - إلى حرفين من أصولها كما في كلمة "الإباء" الواردة في فصل أب، وقد يدلّه على حرف واحد فحسب نحو كلمة "أنفل" المذكورة في فصل أن، وقد لا يهدي إلى شيء منها كما في كلمة "انهلّ" وجميع الأفعال والمصادر من باب انفعل التي وضعت في فصل أن، والأفعال والمصادر من باب استفعل التي وضعت في فصل أس. فإذا وقع تحريف في فعل منها فلن يعينك هذا الترتيب على معرفة أصولها، لارتفاع الضابط وغياب الرقيب.
فهذا المنهج الجديد الذي اختاره كراع في ترتيب معجمه ابتغاء التيسير