أحدها: أن يعلموا أن للأشياء صانعًا، والثاني: أن يعلموا أنه لا يغفل شيئًا ولا يفوته شيء، بل كل الأشياء تحت علمه وتحت عنايته وتدبيره، والثالث: لا يرضيه ولا يقبل من أحد أن يخطئ خطيئه يتعمدها على أن يقيم بإزائها قربانًا إليه فيغفر له، بل إنما يقبل قربانه إذا عمل عملاً صالحًا»، ثم قال: «وهذه معان إنما معدنها وموضع تعلمها من علم الأمور الإلهية، وهو يسمى باليونانية (ناولينا).
ومما يدل على ذلك من مذاهبهم اعتقادهم وتصريحهم بأن العالم إنسان كبير، كما أن الإنسان عالم صغير، فكما أن المحسوسات تصل إلى النفس الجزئية بتوسط الحواس الجسمانية بلا زمان فتنطبع صورها في العقل الجزئي الهيولاني فكذلك في العالم الذي هو الإنسان الكبير أشياء هي بمنزلة الحواس للنفس الكلية التي هي نفس الإنسان الأكبر، يتصل بها من قبلها أحوال العالم بلا زمان، وإذا اتصلت بالنفس الكلية اتصلت بالعقل الكلي كاتصالها بالعقل الجزئي، وإذا اتصلت بالعقل الكلي اتصلت بالباري- جل وتعالى- لأن العقل الكلي لا واسطة بينه وبين الله- تعالى فهذه جمل من كلامهم تدل من تأملها على براءتهم من سوء تأويل من نسب إليهم القول بأن الباري لا يعلم الأشياء ولا يعلم إلا نفسه.
(فصل)
وقد احتج من زعم أن الله- تعالى- لا يعلم الأشياء [بأن قال: «إنما