الثالث: أن هذا المفهوم الذي فهمه المشبه من النصوص مخالف لما فهمه السلف منها فيكون باطلًا.
فإنْ قالَ المُشَبِّهُ: أنا لا أعقل مِنْ نزولِ اللهِ ويده إلا مثل ما للمخلوق من ذلك، والله - تعالى - لم يخاطبنا إلا بما نعرفه ونعقله؛ فجوابه من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الذي خاطبنا بذلك هو الذي قال عن نفسه: " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ "[الشورى: ١١]، ونهى عباده أن يضربوا له الأمثال، أو يجعلوا له أندادًا فقال:" فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ "[النحل: ٧٤]، وقال:" فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ "[البقرة: ٢٢]، وكلامه - تعالى - كُلُّهُ حق يُصَدِّقُ بعضه بعضًا، ولا يتناقض.
ثانيها: أن يقال له: ألست تعقل لله ذاتًا لا تشبه الذوات؟
فسيقول: بلى!
فيقال له: فلتعقل له صفات لا تشبه الصفات؛ فإن القول في الصفات كالقول في الذات، ومَنْ فَرَّقَ بينهما فقد تناقض!.
ثالثها: أن يقال: ألست تشاهد في المخلوقات ما يتفق في الأسماء ويختلف في الحقيقة والكيفية؟
فسيقول: بلى!
فيقال له: إذا عقلت التباين بين المخلوقات في هذا؛ فلماذا لا تعقله بين الخالق والمخلوق؟!، مع أن التباين بين الخالق والمخلوق أظهر وأعظم؛ بل التماثل مستحيل بين الخالق والمخلوق - كما سبق في القاعدة السادسة من قواعد الصفات - (١).