اعلم أن بعض أهل التأويل أورد على أهل السنة شبهةً في نصوصٍ من الكتاب والسنة في الصفات، اِدَّعَى أن أهل السنة صرفوها عن ظاهرها؛ ليُلْزِمَ أهل السنة بالموافقة على التأويل أو المداهنة فيه، وقال: كيف تنكرون علينا تأويل ما أولناه مع ارتكابكم لمثله فيما أولتموه؟
ونحن نجيب - بعون الله - عن هذه الشبهة بجوابين: مجمل، ومفصل.
أما المجمل؛ فيتلخص في شيئين (١):
أحدهما: أَنْ لا نُسَلِّمَ أَنَّ تفسيرَ السلفِ لها صرفٌ عن ظاهرها، فإن ظاهر الكلام ما يتبادر منه من المعنى، وهو يختلف بحسب السياق، وما يضاف إليه الكلام، فإن الكلمات يختلف معناها بحسب تركيب الكلام، والكلام مُرَكَّبٌ من كلمات وجُمَل، يظهر معناها ويتعينُ بِضَمِّ بعضها إلى بعض.
ثانيهما: أننا لو سَلَّمْنَا أن تفسيرهم صرف لها عن ظاهرها، فإن لهم في ذلك دليلًا من الكتاب والسنة، إما متصلًا وإما منفصلًا، وليس لمجرد شبهات يزعمها الصارف براهين وقطعيات يتوصل بها
(١) جامع المسائل (المجموعة الثالثة / ١٥٧ وما بعدها)، وهي مسألة في تأويل الآيات وإمرار أحاديث الصفات كما جاءت.