للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المثال السابع والثامن]

قوله تعالى: " وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ " [ق: ١٦]، وقوله: " وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ " [الواقعة: ٨٥] حيث فُسِّرَ القُرْبُ فيهما بقرب الملائكة.

والجواب: أن تفسير القرب فيهما بقرب الملائكة ليس صرفًا للكلام عن ظاهره لمن تدبره (١).

أما الآية الأولى: فإنَّ القرب مقيد فيها بما يدل على ذلك، حيث قال: " وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ " [ق: ١٦ - ١٨] ففي قوله: " إِذْ يَتَلَقَّى " دليل على أن المراد به قرب الملكين المتلقيين.

وأما الآية الثانية: فإن القرب فيها مقيد بحال الاحتضار، والذي يحضر الميت عند موته هم الملائكة، لقوله تعالى: " حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ " [الأنعام: ٦١] ثم إن في قوله: " وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ " [الواقعة: ٨٥] دليلًا بينًا على أنهم الملائكة، إذ يدل على أن هذا القريب في نفس المكان ولكن لا نبصره، وهذا يُعَيِّنُ أن يكون المراد قرب الملائكة، لاستحالة ذلك في حق الله - تعالى -.


(١) مجموع الفتاوى (٤/ ٢٥٠، ٢٥٣)، شرح حديث النزول (٣٦٥)، الروح (٦٥)؛ مدارج السالكين (٢/ ٢٩٠).

<<  <   >  >>