الجملة الأولى: قوله تعالى: " إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ "[الفتح: ١٠]، وقد أخذ السلف - أهل السنة - بظاهرها وحقيقتها، وهي صريحة في أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يبايعون النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه كما في قوله تعالى:" لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ "[الفتح: ١٨].
ولا يمكن لأحد أن يفهم من قوله تعالى:" إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ "[الفتح: ١٠] أنهم يبايعون الله نفسه، ولا أَنْ يَدَّعِيَ أن ذلك ظاهر اللفظ لمنافاته لأول الآية والواقع، واستحالته في حق الله - تعالى -.
وإنما جعل الله - تعالى - مبايعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - مبايعةً له؛ لأنه رسوله وقد بايع الصحابة على الجهاد في سبيل الله - تعالى -، ومبايعة الرسول على الجهاد في سبيل مَنْ أرسله مبايعةٌ لمن أرسله؛ لأنه رسوله المبلغ عنه، كما أن طاعة الرسول طاعة لمن أرسله لقوله
(١) مجموع الفتاوى (٢/ ٣٣٤)، الرد على البكري (١٥٩، ١٨٧ وما بعدها ط. القديمة) وَ (١٣١، ١٦٧ وما بعدها تحقيق: عبد الله السهلي)، نقض الدارمي (٢/ ٦٩٥).