للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقي أن يقال: فلماذا أضاف الله القرب إليه؟ وهل جاء نحو هذا التعبير مرادًا به الملائكة؟

فالجواب: أضاف الله - تعالى - قرب الملائكة إليه؛ لأن قربهم بأمره، وهم جنوده ورسله.

وقد جاء نحو هذا التعبير مرادًا به الملائكة، كقوله تعالى: " فَإِذَا قَرَانَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ " [القيامة: ١٨] فإن المراد به: قراءة جبريل القرآن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أن الله - تعالى - أضاف القراءة إليه؛ لكن لما كان جبريل يقرؤه على النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمر الله - تعالى - صحت إضافة القراءة إليه تعالى.

وكذلك جاء في قوله تعالى: " فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ " [هود: ٧٤]. وإبراهيم إنما كان يجادل الملائكة الذين هم رسل الله تعالى.

التعليق

هذان المثالان واضحان بينان - ولله الحمد - , فهاتان الآيتان مما زعم الغالطون والمغالطون أن تفسير القرب: (بقرب الملائكة) تأويل لها؛ فهذا من الشبهات التي يحتج بها بعض المعطلة على أهل السنة , وأنكم بهذا قد صرفتم هذه الآيات عن ظاهرها.

والجواب كما ذكر الشيخ: أن سياق الآيتين يدل على ذلك , علمًا أن هناك من أجراهما على ظاهرهما في الجملة وأثبت القرب العام (١)؛ ولكن التحقيق أن القرب إنما جاء خاصًا ولم يأتِ عامًا , وأما الآيتان فالمراد بالقرب فيهما: قربُ الملائكة , لِما ذُكِرَ , وكثيرًا ما يذكر الله ما


(١) درء التعارض (١/ ٢٥٢)، وبيان تلبيس الجهمية (١/ ٣٩٨، ٤٢٥).

<<  <   >  >>