هل يقال: إن ظاهره وحقيقته أن لله – تعالى – مع خلقه معية تقتضي أن يكون مختلطًا بهم، أو حالًا في أمكنتهم؟
أو يقال: إن ظاهره وحقيقته أن الله – تعالى – مع خلقه معية تقتضي أن يكون محيطًا بهم: علمًا وقدرة، وسمعًا وبصرًا، وتدبيرًا، وسلطانًا، وغير ذلك من معاني ربوبيته مع علوه على عرشه فوق جميع خلقه؟
ولا ريب أن القول الأول لا يقتضيه السياق، ولا يدل عليه بوجه من الوجوه، وذلك لأن المعية هنا أضيفت إلى الله – عز وجل – وهو أعظم وأَجَلُّ مِنْ أَنْ يحيط به شيء من مخلوقاته! ولأن المعية في اللغة العربية – التي نزل بها القرآن – لا تستلزم الاختلاط أو المصاحبة في المكان، وإنما تدل على مطلق مصاحبة، ثم تفسر في كل موضعٍ بحسبه.
وتفسير معية الله – تعالى – لخلقه بما يقتضي الحلول والاختلاط باطل من وجوه:
الأول: أنه مخالف لإجماع السلف، فما فسرها أحد منهم بذلك؛ بل كانوا مجمعين على إنكاره.
الثاني: أنه منافٍ لعلو الله – تعالى – الثابت بالكتاب، والسنة، والعقل، والفطرة، وإجماع السلف، وما كان منافيًا لما ثبت بدليل كان باطلًا بما ثبت به ذلك المنافي، وعلى هذا فيكون تفسير معية الله لخلقه بالحلول والاختلاط باطلًا بالكتاب والسنة، والعقل، والفطرة، وإجماع السلف.
الثالث: أنه مستلزم للوازم باطلة لا تليق بالله – سبحانه وتعالى –.
ولا يمكن لمن عَرَفَ اللهَ – تعالى – وقَدَّرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ، وعرف