للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد " (١)، بل قد يكون التقرب إلى الله - تعالى - وطلب الوصول إليه والعبد مضطجع على جنبه كما قال الله - تعالى -: " الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ " [آل عمران: ١٩١]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمران بن حصين: " صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب " (٢).

قال: فإذا كان كذلك صار المراد بالحديث بيان مجازاة الله - تعالى - العبد على عمله، وَأَنَّ مَنْ صَدَقَ في الإقبال على ربه وإن كان بطيئًا جازاه الله - تعالى - بأكمل من عمله وأفضل، وصار هذا هو ظاهر اللفظ بالقرينة الشرعية المفهومة من سياقه.

وإذا كان هذا ظاهر اللفظ بالقرينة الشرعية، لم يكن تفسيره به خروجًا به عن ظاهره ولا تأويلًا كتأويل أهل التعطيل، فلا يكون حجة لهم على أهل السنة؛ ولله الحمد.

وما ذهب إليه هذا القائل له حظ من النظر؛ لكنَّ القول الأول أظهر وأسلم وأليق بمذهب السلف.

ويُجاب عما جعله قرينة من كون التقرب إلى الله - تعالى - وطلب الوصول إليه لا يختص بالمشي: بأن الحديث خرج مخرج المثال لا الحصر فيكون المعنى: مَنْ أتاني يمشي في عبادة تفتقر إلى المشي لتوقفها عليه بكونه وسيلة لها كالمشي إلى المساجد للصلاة، أو من ماهيتها كالطواف والسعي؛ والله - تعالى - أعلم.


(١) أخرجه مسلم (٤٨٢) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه البخاري (١١١٧).

<<  <   >  >>