حاول صرف هذه النصوص إلى ما يوافق ذلك المذهب على وجوه متعسَّفة، فيجعل الكتاب والسنة تابعين لا متبوعين، وما سواهما إمامًا لا تابعًا! وهذه طريقٌ من طرق أصحاب الهوى؛ لا أتباع الهدى، وقد ذم الله هذه الطريق في قوله:" وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ "[المؤمنون: ٧١].
والناظر في مسالك الناس في هذا الباب يرى العجب العجاب، ويعرف شدة افتقاره إلى اللجوء إلى ربه في سؤاله الهداية والثبات على الحق والاستعاذة من الضلال والانحراف، وَمَنْ سَأَلَ اللهَ - تعالى - بصدق وافتقار إليه عالمًا بغنى ربه عنه وافتقاره هو إلى ربه فهو حري أن يستجيب الله - تعالى - له سؤله، يقول الله - تعالى -: " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ "[البقرة: ١٨٦].
فنسأل الله - تعالى - أن يجعلنا ممن رأى الحَقَّ حقًا واتبعه، ورأى الباطل باطلًا واجتنبه، وأَنْ يجعلنا هداة مهتدين، وَصُلَحَاءَ مصلحين، وأَنْ لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ويهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.
والحمد لله رب العالمين الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على نبي الرحمة وهادي الأمة إلى صراط العزيز الحميد بإذن ربهم، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
تم في اليوم الخامس عشر من شهر شوال سنة ١٤٠٤ هـ بقلم مؤلفه الفقير إلى الله: محمد الصالح العثيمين.