للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخمر لا شك أنه معصية ومن موجبات الفسق , لكن من شربه وهو لا يدري أنه حرام , فهذا قام به مانع وهو الجهل , أو إنسان تأول فشرب النبيذ وقال الخمر هو عصير العنب , وهذا مذهب الأحناف في النبيذ ولو أسكر كثيره فهو جائز عندهم إلا القدر المسكر , وهو عند الآخرين حرام , فإذا شربه من تقرر عنده تحريم النبيذ الذي يسكر كثيره فإنه يكون حينئذ فاسقا , لكن الحنفي إذا شرب هذا متأولًا متمذهبًا لا متعصبًا متبعًا للهوى فإنه لا يكون فاسقًا بل يكون معذورًا بناءً على الشبهة , وهكذا في مسائل الخلاف , فهذا يقول هذا ربا والآخر يقول هذا ليس ربا , مثل ما كان بعض الصحابة لا يرون تحريم ربا الفضل لحديث: " إنما الربا في النسيئة " (١) فلا يكون الواحد منهم فاعلًا لحرام ولا تعامله بهذه المعاملة يكون بها فاسقًا ولا عاصيًا , لأنه ما تعمد مخالفة الشرع , ومثله الآن من يشرب الخمر وتحريمه ظاهر ومعروف فهذا يصدق عليه أنه فاسق , لكن إنسان أخذ شرابًا لا يدري وشربه فإذا هو خمر هل يفسق بهذا؟ هو يعرف حكم الخمر لكن ما درى أن هذا الشراب بعينه الذي قُدِّمَ له خمر فشرب.

وشيخ الإسلام يصنف هؤلاء الذين خالفوا ما جاء في النصوص ثلاثة أصناف (٢):

١ - كافر؛ وهو المعاند المتعمد لمخالفة شرع الله، وهذا لا يكاد يظهر.

٢ - عنده هوى وعنده شيء من التعصب وهو مقصر في معرفة الحق وعنده هوى لهذا الرأي لأجل أنه ينتسب إليه.


(١) أخرجه مسلم (١٥٩٦) من حديث ابن عباس، عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهم -.

<<  <   >  >>