للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علم، ولا سميع إلا لمن له سمع، ولا بصير إلا لمن له بصر، وهذا أمر أَبْيَنُ من أن يحتاج إلى دليل.

وبهذا عُلِمَ ضلالُ من سلبوا أسماء الله - تعالى - معانيها من أهل التعطيل وقالوا: إن الله - تعالى - سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وعزيز بلا عزة وهكذا .. وعللوا ذلك: بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء. وهذه العلة عليلة؛ بل ميتة لدلالة السمع (١) والعقل على بطلانها.

أما السمع: فلأن الله - تعالى - وصف نفسه بأوصاف كثيرة، مع أنه الواحد الأحد، فقال تعالى: " إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ* إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ* وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ* ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ* فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ " [البروج]، وقال تعالى: " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى* الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى* وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى* فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى " [الأعلى]؛ ففي هذه الآيات الكريمة أوصاف كثيرة لموصوف واحد، ولم يلزم من ثبوتها تعدد القدماء.

وأما العقل: فلأن الصفات ليست ذوات بائنة من الموصوف، حتى يلزم من ثبوتها التعدد، وإنما هي مِنْ صفات مَن اتصف بها، فهي قائمة به، وكل موجود فلا بُدَّ له من تعدد صفاته، ففيه صفة الوجود، وكونه واجب الوجود، أو ممكن الوجود، وكونه عينًا قائمًا بنفسه أو وصفًا في غيره.

وبهذا - أيضًا - عُلِمَ أن: (الدهر) ليس من أسماء الله - تعالى -؛


(١) قال المؤلف - رحمه الله -: السمع هو: القرآن والسنة، وسيمر بك هذا التعبير كثيرًا فانتبه له. اهـ
قلت: قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - كما في جامع المسائل (المجموعة الخامسة / ص ١٩٣): وهذه الطرق الثلاثة: السمع، والبصر، والعقل = هي طرق العلم.

<<  <   >  >>