للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد مشى أهل العلم بعدهما على هذا الميزان. وإذا كان الكيف غير معقول ولم يرد به الشرع فقد انتفى عنه الدليلان العقلي والشرعي فوجب الكف عنه.

فالحذر الحذر من التكييف أو محاولته، فإنك إن فعلت وقعت في مفاوز لا تستطيع الخلاص منها، وإن ألقاه الشيطان في قلبك فاعلم أنه من نزغاته، فالجأ إلى ربك فإنه معاذك، وافعل ما أمرك به فإنه طبيبك، قال الله تعالى: " وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " [فصلت: ٣٦].

التعليق

معلوم أن مذهب أهل السنة وسط بين أهل التشبيه وأهل التعطيل، لأنهم يقولون: الواجب وصفه - تعالى - بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله إثباتًا بلا تشبيه وتنزيها بلا تعطيل.

فالمثبت للصفات يجب عليه الحذر من مذهب أهل التشبيه وأهل التكييف؛ حتى يكون مذهبه بريئًا من التشبيه والتكييف.

والتشبيه هو اعتقاد الشيءِ شبيهًا للشيء الآخر , فيقول: هذا مثل هذا , ولأن المشبهة يقولون: له سمع كسمعي، وبصر كبصري، ويد كيدي , وهؤلاء ومن سلك هذا المسلك لم يكن مثبتًا على الحقيقة فإنه لم يثبت لله صفاته التي تليق به , فوقع في الأمرين في التعطيل والتشبيه , فعطل الرب عن صفات كماله التي تليق به , ووصفه بما يجب تنزيهه عنه , ولهذا يقول أهل العلم: إن كل مشبهٍ معطل، وكل معطل مشبه (١)؛


(١) مجموع الفتاوى (١٣/ ١٦٤، ٣٦/ ١١٥، ١٢٥)، شرح الرسالة التدمرية (٦٠)، الصواعق المرسلة (١/ ٢٤٤)؛ وانظر: معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات (٦٦ وما بعدها)، وما سيأتي في (ص ٥٨ تنبيه).

<<  <   >  >>