للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَهُمْ يَعْلَمُونَ " [البقرة: ٧٥]، وقال تعالى: " مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا" [النساء: ٤٦] الآية.

وأما العقل: فلأن المتكلم بهذه النصوص أعلم بمراده من غيره، وقد خاطبنا باللسان العربي المبين؛ فوجب قبوله على ظاهره، وإلا لاختلفت الآراء وتفرقت الأمة.

التعليق

لا شك أن الواجب في كلام الله وكلام رسوله إجراؤه على ظاهره؛ بل هذا هو الأصل في حمل كلام أي مخاطب , ما لم يقم دليل يوجب صرفه عن ظاهره , وإلا لما كان الكلام بيانًا ولا دالًا على مراد المتكلم.

فالأصل أن الكلام يبين به المتكلم مراده , ولا يأتي الخلل إلا:

١ - من نقص بيانه وفصاحته؛ فقد يتكلم بكلام لا يدل على مراده بسبب عجزه وضعف بيانه وعدم فصاحته.

٢ - أو إرادة التلبيس على المخاطب؛ فيخاطبه بخلاف مراده حتى يفهم من ذلك الكلام خلاف المراد.

ولهذا ذكر شيخ الإسلام (١) أنه إذا توفرت هذه المقومات وهي: العلم، والبيان، والنصح = لزم من ذلك أن يتحقق البيان , والرسول - صلى الله عليه وسلم - أعلم الخلق وأفصحهم وأنصحهم فوجب أن يدل كلامه على مراده أتم دلالة وأكمل بيان.

وخلاف ذلك حَمْلٌ لكلام المتكلم على معان قد يحتملها لكن بغير حجة وهذا هو التحريف؛ فالتحريف: صرف الكلام عن ظاهره بغير حجة , ويسميه المتأخرون تأويلًا , فيقولون التأويل: صرف اللفظ عن


(١) الحموية (٢٨٠ - ٢٨٢).

<<  <   >  >>