للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من كلامهما هو التمثيل الباطل - قد عَطَّلَ ما أودع الله ورسوله في كلامهما من إثبات الصفات لله، والمعاني الإلهية اللائقة بجلال الله - تعالى -.

الثالث: أنه ينفي تلك الصفات عن الله بغير علمٍ، فيكون معطلًا لما يستحقه الرب - تعالى -.

الرابع: أنه يصف الرب بنقيض تلك الصفات من صفات الموات والجمادات، أو صفات المعدومات، فيكون قد عَطَّلَ صفات الكمال التي يستحقها الرب - تعالى -، ومَثَّلَهُ بالمنقوصات والمعدومات، وعَطَّلَ النصوص عما دلَّت عليه من الصفات، وجعل مدلولها هو التمثيل بالمخلوقات، فيجمع في الله وفي كلام الله بين التعطيل والتمثيل؛ فيكون ملحدًا في أسمائه وآياته).

وذكر الشيخ ابن عثيمين هنا: أن التحريف سبيل اليهود , فاليهود نعتهم الله بالتحريف , فهؤلاء الجهمية والمعتزلة ومن شابههم كل بحسبه , قد شابهوا اليهود في تحريف كلام الله كما قال تعالى: " يحرفون الكلم عن مواضعه " [النساء: ٤٦]، وقال: " يحرفون الكلم من بعد مواضعه " [المائدة: ٤١]، وهذا سبيل كل مبطل , فكل مبطل تعارض النصوص مذهبه فإنه يقف منها هذا الموقف , يلتمس لها التأويلات ليتخلص منها هذا فيما لم يقدر على رده , أما ما قدر على رده دفعه , وقال: هذا كذب، هذا لم يصحَّ , هذا خبر آحاد وما أشبه ذلك , فإن لم يقدر على الرد بطريق من الطرق ذهب إلى التحريف , وحقيقة التحريف صرف الكلام عن ظاهره إلى غيره بغير حجة توجب ذلك (١).


(١) يشهد لهذا ما نقله الدارمي في رَدِّهِ على بشرٍ المَرِيْسِي (٢/ ٨٦٨): لا تَرُدُّوهُ فتفتضحوا، ولكن غالطوهم بالتأويل، فتكونوا قد رددتموها بلطف! إذ لم يمكنكم ردُّها بعنف!!
وانظر: توضيح مقاصد العقيدة الواسطية (١٦٥، ١٧٤).

<<  <   >  >>