(٢) نسبه أبو الحسين البصري للمعتزلة البغداديين. ينظر: المعتمد ٢/ ٩٣٤. (٣) قال القاسمي رحمه الله: (مراده ببعض القدرية معتزلة بغداد، ووافقهم الظاهرية، ورده المصنف بالإجماع، أي: على إقرار العامة على العمل بفتاوى العلماء، وعدم تكليفهم النظر في الأدلة والبحث عنها من غير تناكر، وإجماع كل عصر حجة، وفي النهاية للعلامة: لم تزل العامة في زمن الصحابة والتابعين قبل حدوث المخالفين يرجعون في الأحكام إلى قول المجتهدين، ويستفتونهم في الأحكام الشرعية، والعلماء يسارعون إلى الأجوبة من غير إشارة إلى ذكر دليل، ولا ينهوهم عن ذلك، فكان إجماعًا. وحقق بعضهم: أن معنى القول الأول هو حث العامي أن يرتفع عن حضيض الجهل الصِّرف، والعمى المحض، والإيذان بأن الدين ليس في مبدئه ما تنقسم الناس فيه إلى عوام صِرْف لا يعلمون ولا يتعلمون وإلى خواص يباينهم كليًّا، بل مبناه على تعميم طلب العلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم». وبالجملة فالقصد أنه يجب على الأمة تحصيل العلم بالأحكام الشرعية الفرعية، كما يجب عليها تحصيل العلم في مسائل أصول الدين، والقدر الضروري من الأولى متفق عليه كالثانية، ثم بتعلم الأمة ما يجب لها وعليها يتبين لها طرق السعادة، وتسلك في جوادها، فتكشف لها الأوصاف الفاضلة وحدودها، وتتمثل لمداركها فوائدها ومحاسن غاياتها، وتنجلي لها مضار الرذائل وسوء منقلب المتدنسين بها، وذلك لأن بداهة العقل حاكمة بأن جل المعارف البشرية والعقائد الدينية مكتسبة، فإن لم تأخذ الأمة في التعلم قصرت عقولها عن درك ما ينبغي لها دركه، وانقضت دون الكفاية مما يلزم لسد ضرورات الحياة الأولى والاستعداد لما يكون في الأخرى، وساوى الإنسان في معيشته سائر الحيوانات، وحرم سعادة الدارين، وجَليٌّ أن من أعرض عن العلم النافع المستتبع للعمل الصالح طغت شهرته، واندفع إلى تعدي الحدود، فيرافق الدنيا على عناء، ويفارقها إلى شقاء، قال تعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}، وقد جود الإمام الغزالي في الإحياء مباحث التعلم والتعليم بما لا يستغنى عن مراجعته).