للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ (١)، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ (٢)، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ (٣)، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ (٤)، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ (٥). أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ؟ (٦): عُكُومُهَا رَدَاحٌ (٧)، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ (٨).

ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ؟ (٩): مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ (١٠)، وَيُشْبِعُهُ


(١) بالتصغير للتقليل، أي أهل غنم قليلة، وبشق بالفتح والكسر ويحتمل أنه اسم موضع أو بمعنى المشقة، ومنه قوله: {بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} [من سورة النحل، آية: ٧].
والمعنى: وجدني في أهل غنم قليلة، فهم في جهد وضيق وعيش.
(٢) أي فحملني إلى أهل خيل ذات صهيل، وإبل ذات أطيط، والصهيل: صوت الخيل. والأطيط: صوت الإبل، وبقر تدوس الزرع في بيدره ليخرج الحب من السنبل. ومنق بضم الميم وفتح النون وتشديد القاف، وهو الذي ينقي الحب وينظفه من التبن وغيره بعد الدرس بغربال وغيره، فهم أصحاب زرع وأرباب حب نظيف. والمراد من ذلك كله: أنها كانت في أهل قلة ومشقة فنقلها إلى أهل ثروة وكثرة، لكونهم أصحاب خيل وإبل وغيرهما.
(٣) أي فأتكلم عنده بأي كلام فلا ينسبني إلى القبح لكرامتي عليه، ولحسن كلامي لديه.
(٤) أي أنام فأدخل في الصبح فيرفق بي ولا يوقظني لخدمته ومهنته، لأني محبوبة إليه، ومكفية بالخدم التي تخدمه وتخدمني.
(٥) أي فأروى وأدع الماء لكثرته عنده، مع قلته عند غيره. والمعنى: أنها لم تتألم منه، لا من جهة المرقد ولا من جهة المشرب.
قلت: وفي النهاية: «أرادت أنها تشرب حتى تروى وترفع رأسها. يقال: قَمَح البعير يقمح إذا رفع رأسه من الماء بعد الري، ويروى بالنون».
(٦) أرادت أن تمدح أمَّ زوجها بعد مدح زوجها.
(٧) أي أعدالها وأوعية طعامها عظيمة ثقيلة كثيرة، العكوم جمع عكم وهو العدل إذا كان فيه متاع، والرداح: بفتح الراء: العظيمة الثقيلة الكثيرة.
(٨) بفتح الفاء أي واسع، وسعة البيت دليل سعة الثروة.
(٩) انتقلت إلى مدح ابن أبي زرع.
(١٠) أي مرقده كمسل: بفتح أوله وثانية بمعنى مسلول. شطبة: بفتح الشين وسكون الطاء وهي ما شطب أي شق من جريد النخل وهو السعف. والمعنى أن محل اضطجاعه وهو الجنب كشطبة مسلولة من الجريد في الدقة فهو خفيف اللحم دقيق الخصر كالشطبة المسلولة من قشرها.

<<  <   >  >>