وقد أتقن الحافظُ تأليفَ (اللسان)، ووفَّرَ له غايةَ جُهْدِه وتحريرِه؛ حتى ذكر السخاويُّ في الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإِسلام ابن حجر (١٥١ / ب) -ونقلته بواسطة كتاب: ابن حجر العسقلاني لشاكر محمود عبد المنعم (١/ ١٦٢) - عن شيخه الحافظ ابن حجر اعتزازَه بـ (اللسان)، في قول ابن حجر:"لستُ راضيًا عن شيء من تصانيفي؛ لأني عملتُها في ابتداءِ الأمْرِ، ثم لم يتهيّأ لي تحريرُها؛ سوى (شرح البخاري) و (مقدمته)، و (المشتبه)، و (التهذيب)، و (لسان الميزان)؛ ولو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لم أتقيّد بالذهبي، ولجعلتُه كتابًا مُبْتَكرًا".
وبعد تلك الجُهود المتتابعةِ من علماء الأمّة عَبْر القرون، في محاولةِ حَصْرِ الضعفاء والمتكلَّم فيهم، وبعد ضَمِّ الإِمام الذهبي لتلك الجهود بعضِها إلى بعضٍ مع إضافاته العظيمة، مَرَّةً بعد مرَّة، إلى أن صنّف كتابه العظيم (الميزان)، وبعد (ذيله) للحافظ العراقي؛ بعد هذا كلِّه جاء الحافظُ ابن حجر -جامعًا عِلْمَه وجُهْدَه- ليُتَمِّم هذا البناءَ الشامخ، الذي تَنَاوبَ علي بنائه أئمةُ السُّنَّة ونُقَّادُ الحديث!! فما ظنُّك -بَعْدُ- بهذا البناء؟!!
ولئن كان الاسترواحُ بكتاب الذهبي والاطمئنانُ إلى استيعابه قد بلغ ذلك المبلغ المذكور آنفًا عن الإِمام الهيثمي وغيره، فما ظنك بالأمر بعد (لسان الميزان)؟!!