للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

لإلقاء أحد ركبان السفينة إذا تعرضوا للغرق.

استعمال القرعة في إلقاء أحد ركاب السفينة إذا خشي عليها العطب لم نظفر على نصوص كافية عن الفقهاء في نفس المسألة (١) ، وهي محتملة للجواز والمنع، فمن أجاز ذلك قال إن مصلحة الجماعة أولى والأخذ بأخف المفسدتين أسلم،ونجاة الجميع مطلوبة.

وإذا لم يمكن نجاة الكل فعلى الأقل نفعل السبب لنجاة البعض،ولا يحصل ذلك إلا عن طريق القرعة لتساوي الجميع في العصمة.

ومن قال بالمنع قال إن ركاب السفينة مستوون في العصمة ومحافظة كل منهم على حياته واجبة فليس لهم إلقاء البعض وإنما عليهم الصبر، لأن مصلحة إنقاذ الباقين جزئية لا كلية. فمن نظر إلى الأخذ بأخف المفسدتين أجاز، ومن نظر إلى وجوب المحافظة على الحياة منع، وكأنه يقول إن موتهم جميعاً لا فعل لهم فيه،وأما إلقاء بعضهم في اليم فهو بفعلهم فلا يجوز مباشرته، لأن موت من ألقي في اليم يكون بمباشرة من نفسه أو من الآخرين وهذا لا يجوز. قال ابن العربي: الاقتراع على إلقاء الآدمي في البحر لا يجوز فكيف المسلم وإنما كان ذلك في يونس وفي زمانه مقدمةً لتحقيق برهانه وزيادةً في إيمانه، ثم إنهم لم يرموه بل رمى هو بنفسه لما خرجت القرعة، فإنه لا يجوز لمن كان عاصياً أن يُقتل ولا يرمى به في النار والبحر.


(١) ٢- انظر فتح الباري ٥/٢٩٤ والطرق الحكيمة، لابن القيم ٣٥٤ وتكملة فتح القدير ٨/٣٦٣ وأحكام القرآن، لابن العربي ٤/١٦٢٣ والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي ١٥/١٢٦ وأبحاث هيئة كبار العلماء ٢/٣٨.
٧٣- قواعد الأحكام ١/٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>