وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد وضع أساس الترتيب في القسمة فأرشد إلى أن يبدأ بنفسه، ثم زوجته وأولاده، ثم ذي القرابة، فلا يجب أن يؤثر أحداً على نفسه.
فإذا كان هذا في النفقات فمن باب أولى ألا يتلف الشخص نفسه لإحياء غيره مهما كانت الضرورة إلى ذلك، ونحن مأمورون باتباع المنصوص عليه شرعاً.
ودليلهم من العقل من وجوه:
١- الوجه الأول: أن من شرط صحة التبرع أن يكون الإنسان مالكاً للشيء المتبرع به، أو مفوضاً في ذلك من قبل المالك الحقيقي.
والإنسان ليس مالكاً لجسده، ولا مفوضاً فيه لأن التفويض يستدعي الإذن له بالتبرع، وذلك غير موجود. فتثبت بهذا عدم صحة تبرعه بأعضائه لعدم وقوع ذلك التبرع على وجهه الشرعي المعتبر.
٢- الوجه الثاني: أن درء المفاسد مقصوداً شرعاً، وفي التبرع مفاسد عظيمة تربو على مصالحه، إذ فيه إبطال لمنافع أعضاء الجسم المنقولة، مما قد يؤدي إلى الهلاك، أو على الأقل إلى التقاعس عن أداء العبادات والواجبات وترك بعض المأمورات باختياره.
٣- ومن القياس: أن حرمة المال أقل من حرمة النفس، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتوقي كرائم الناس، فمن باب أولى وأحرى أن تتقى أعضاؤهم.
٤ ـ لا يجوز استقطاع الأعضاء الآدمية كما لا يجوز استقطاع الأبضاع بجامع كون كل منهما من أعضاء الجسد.
ودليلهم من القواعد الفقهية:
١- قالوا: الضرر لا يزال بالضرر - الضرر لا يزال بمثله.
وجه الدلالة:
أن هاتين القاعدتين تتضمنان المنع من إزالة الضرر بمثله، وذلك موجود في مسألتنا حيث يزال الضرر عن الشخص المنقول إليه بضرر آخر يلحق الشخص المتبرع.
٢- (ما جاز بيعه جازت هبته، وما لا فلا) .
وجه الدلالة: أن أصحاب القول الثاني يوافقون على أن الأعضاء الآدمية لا يجوز بيعها، وقد دلت القاعدة على أن ما لا يجوز بيعه لا يجوز هبته، إذاً فلا يجوز التبرع بالأعضاء الآدمية لا من حي لمثله في حال الحياة ولا بعد الممات.