الوجه السادس: أن الله تعالى امتدح من آثر أخاه على نفسه بطعام أو شراب أو مال أحق به. قال تعالى (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) فإذا كان ذلك في هذه الأمور اليسيرة، فكيف بمن آثر أخاه بعضو أو جزئه لكي ينقذه من الهلاك المحقق لا شك أنه أولى وأحرى بالمدح والثناء، ومن ثم يعتبر فعله جائزاً ومشروعاً. فالتبرع بالأعضاء من باب الإيثار وهو مرغبٌ فيه، ومما يدل على ذلك قصة الصحابة الذين أصيبوا في موقعة أجنادين أو اليرموك وجيء إلى أحدهم بماء فآثر آخاه فلما عرض على الثاني آثر بالثالث فلما وصل الماء إلى الثالث فإذا به قد مات فأعيد إلى الثاني ثم الأول فوجدا ميتين والصحابة هم: الحارث بن هشام، وعكرمة بن أبي جهل، وعياش بن ربيعة (رضي الله عنهم) . وقد وقى طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فشلت كما في الصحيح فالإيثار هو تقديم الغير على النفس وحظوظها الدينوية رغبة في الحظوظ الدينية وهو ممدوح.
الوجه السابع: أن الإنسان مأذون له بالتصرف في جسده بما فيه المصلحة، فإذنه بالتبرع فيه مصلحة عظيمة فيجوز له فعله.
٣- دليلهم من القواعد الفقهية:
استدلوا بالقواعد الفقهية التالية:
١- الضرر يزال. ٢- الضرورات تبيح المحظورات. ٣- إذا ضاق الأمر اتسع.
وجه الدلالة: أن هذه القواعد المستنبطة من نصوص الشريعة دلت على الترخيص للمتضرر بإزالة ضرره ولو بالمحظور.
فالقاعدتان الأولى والثانية دلتا على أن المكلف إذا بلغ مقام الاضطرار رخص له في ارتكاب المحظورات شرعاً.
ودلت القاعدة الثالثة على أن بلوغ المكلف لمقام المشقة التي لا يقدر عليها يوجب التوسيع عليه في الحكم.