الوجه الأول من المتجيزين: أن نقل العضو فيه تكريم حساً ومعنىً، أما كونه تكريماً حسياً فلأن ذلك العضو بدل أن يصير إلى التراب والبلى بقي في جسد المسلم يستعين به على طاعة الله ومرضاته. وأما كونه تكريماً معنوياً فلما فيه من الأجر والثواب للمتبرع لكونه فرج به الكربة عن أخيه المسلم.
الوجه الثاني: على ما يترجح من جواز النقل من الكافر فقط:
أن الكافر ليس من الجنس الذي قصد الشرع تكريمه، بل إن إهانته مقصودة شرعاً، والتمثيل بجثته إنما يحرم على وجه لا تدعو إليه حاجة، أما لو وجدت الحاجة فإنه لا حرج فيه كما هو الحال هنا.
ثانياً: مناقشة أدلة السنة:
١- حديث جابر (في قصة الرجل الذي قطع براجمه فمات) حديث جابر رضي الله عنهما يتعين من أقوى الأدلة الدالة على تحريم نقل الأعضاء، لكنه يمكن الجواب عنه من وجهين:
الوجه الأول: تخصيص دلالته فهذا الحديث أقدم فيه رجل على قطع البراجم للتخلص من الآلام، وهي مصلحة لا تبلغ مرتبة الضروريات، بل هي في مرتبة الحاجيات.
ومن ثم فإنه يصلح دليلاً على منع نقل القرنية، والجلد، ونحوها من الأعضاء التي يقصد من نقلها تحقيق مصلحة حاجية.
وأما النقل الضروري الذي يقصد منه إنقاذ النفس المحرمة، فإن الحديث لا يشمله، فإن قيل العبرة بعموم قوله (ما أفسدت) وهو متعلق بالقطع، قيل في جوابه: إن هذا الوصف يوجب تخصيص الحكم بحاجة الإفساد بأن تقطع الأعضاء وتبتر لغير حاجة ضرورية وهذا ليس موجوداً في مهمة نقل الأعضاء.
الوجه الثاني على ما يترجح من جواز النقل من الكافر فقط: أن غاية ما دل عليه الحديث تعذيب من أقدم على القطع والبتر لأعضائه، وهذا أمر كائن للكافر في كلتا الحالتين تبرع أو لم يتبرع فلا حرج في أخذ أعضائه، ولو كان في ذلك زيادة عذاب عليه، ويرخص للمسلم لمكان الحاجة والضرورة.
٢) حديث أسماء رضي الله عنها في تحريم وصل الشعر. يجاب عنه من وجهين: